الثورة قائمة ، فاذا استقرّت الاُمور ، ورجعت إلى الهدوء والاستقرار ، أصبح واحداً من أفراد الاُمّة ، له حقوقهم ، وعليه واجباتهم ، ورجوع الاُمور إلى نصابها يكون بأحد أمرين : إمّا نجاح الثورة ، وإمّا فشلها ، ونجاحها يكون بأحد أمرين : إمّا استجابة الدولة لمطالب الاُمّة ، ورجوعها إلى أحكام الله ، وفي هذه الحالة ينتهي عمل الثورة إلى هذا الحد. وإمّا الإطاحة بالنظام الفاسد ، وقلب الحكم الظالم ، وتغييره إلى نظام إسلامي ، يتمشّى مع التشريع الذي جاء به كتاب الله الكريم ، وعندئذ أيضاً لايكون لزعيم الثورة أو أمير الدفاع ، أيّ حق في الحكم ، إلاّ إذا اختارته الاُمّة ، لشروط توفّرت فيه بعد الهدوء والاجتماع والتفكير والمفاضلة ، حسب الشروط المتبعة في اختيار أمير للمؤمنين.
فإذا ضعف المسلمون حتى عن هذا الموقف ، وأصبحوا لايستجيبون لداعي الثورة ، ويفضّلون طريق السلامة ، ويركنون إلى الدعة والاستراحة ، جاء المسلك الثالث من مسالك الدين ، وهو الشراء : فحق لقلّة منهم إذا بلغوا أربعين شخصاً أن يعلنوا الثورة على الفساد ، وبما أنّ هذه الثورة التي يقوم بها عدد قليل ، لايتوقّع لها النجاح في كفاحها ضدّ دولة ظالمة مسلّحة ، واُمّة مسالمة راضية بالذل ، فإن هذا التنظيم يشبه أن يكون شغباً على دولة ظالمة حتى لاتطمئنّ إلى تنفيذ خططها الجائرة ، وقد لاتكون لها نتائج غير هذا القلق الذي يخيّم على الظالمين ، والتوجّس والخوف الذي يسود أعمالهم وحركاتهم ، ولذلك فقد اشترط لهذا التنظيم ، شروط قاسية لايقبلها إلاّ الفدائيّون ، الذين وهبوا حياتهم لحياة الاُمّة ، وذلك أنّه لايحلّ لهم بعد أن ينخرطوا في هذه المؤسّسة ، أن يعودوا إلى بلادهم ، أو يستقرّوا في أمكنتهم ، أو يتخلّوا عن رسالتهم ، حتى ينتهي بهم الأمر إلى النجاح أو القتل ، والقتل أقرب الأمرين إليهم ، وعندما تضطرّ الظروف أحدهم إلى منزله لشأن من شؤون تمديد الثورة ،