ولا نقاتل إلاّ من قاتلنا » (١).
ويؤيّد الكاتب انّ خط الاعتدال ، ظهر بعد مقتل الإمام علي عليهالسلام بقوله :
« إنّ هذا المسلك (التطرّف) منهم ، دعا بعض من كانوا يوازرونهم ، إلى مخالفتهم ، والافتراق عنهم ، بل وتوجيه شديد النقد عليهم ، ... هذا البعض ـ الذي تشدّد بعد أن كانوا لهم مؤيّدين ـ بدا لهم رأي غير الذي ارتأوه جميعاً ورأوا أنّ عليّاً وإن أخطأ في قبول التحكيم ، وإن لم ينزل عند طلبهم عليه التوبة ممّا فعل ، وكذلك سائر أهل القبلة الذين مازالوا على الشهادتين ، إنّما هم مسلمون لايجوز قتالهم ، ولاسبي نسائهم ، وليست أموالهم غنيمة ، وانّ قتالهم لايكون إلاّ في حالة بغي وعدوان منهم ، فهنا يجب القتال بمقدار مايلزم لدفع العدوان وردّ البغي (٢).
ويقول : إنّ المحكّمة بعد واقعة النهروان افتقدوا وحدة الصف ، وشاعت فيهم الفرقة ، وساد الاضطراب ، ممّا دفع بعضهم إلى الغلو في التطرّف ، وتنكُّبِ الطريق السوي ، ووجد بينهم من استنكره ولم يجد بداً من الافتراق عن هؤلاء الذين عرفوا بالخوارج ، إيماناً منهم بأنّ طريق الاستعراض بالسيف ، ليس هو طريق الإسلام ، وقد كان على رأس هؤلاء ـ الذين عرفوا بالقعدة ـ أبو بلال مرداس ومن خلفه من الدعاة الذين عرفوا فيما بعد بالاباضية (٣).
وقد تأثّرت عدّة من الخوارج بهذه الفكرة واستفحلت دعوة أبي بلال ، وظهرت معالمها ، غير أنّ بني اُميّة لم يكونوا يرضون بوجود قدرة ماثلة أمامهم ،
__________________
١ ـ صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد العماني : ١٣٨ وما نقله عن البلاذري مذكور في الأنساب ٥ / ٩٤.
٢و٣ ـ صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد العماني : ١٠٥ و ١٣١ ـ ١٣٢.