السفر والترحال. والمعروف أنّ التحكيم الذي أدّى إلى انفصال جزء من جيش علي عنه ، وقيامهم بمعارضته والخروج عليه ، كان في رمضان من عام ٣٧ ، وحدثت معركة النهروان التي أكّدت هذا الانفصال وكرّسته في عام ٣٨ هـ.
وعلى ذلك فإنّ جابر بن زيد امّا أنّه لم يكن موجوداً في البصرة عند وقوع هذه الأحداث ، أو انّه كان موجوداً ، ولكنّه لم يشارك فيها على أي نحو من الأنحاء ، لأنّ كتب التاريخ السنّية والشيعية والاباضية لم يرد فيها ذكر لأي شيء يتعلّق به ، أو حتى مجرّد ذكر اسمه في تلك الفترة ، ولم يسمع أحد شيئاً عن جابر بن زيد إلاّ بعد انتهاء هذه الأحداث لحوالي أربعين عاماً عندما أتى الحجاج بن يوسف الثقفي إلى العراق والياً عليه من قبل عبدالملك بن مروان في عام ٧٥ (١).
٢ ـ إنّ مؤسّس مذهب الاباضي لم يكن ممّن شهدوا حرب الجمل او صفّين أو النهروان ، ولم يكن ضمن هؤلاء الذين رفعوا السيف في وجه الدولة أو حاربوها من الخوارج وغيرهم ، بل كان يأتلف معها ، فقد كان يأخذ عطاءه من الحجاج بن يوسف الثقفي ، كما كان يأخذ جائرته ويحضر مجلسه ويصلّي خلفه.
ولذلك كان من مبادئ الاباضية بعد جابر ، جواز الصلاة خلف أهل القبلة كلّهم ، وخلف الجبابرة في أي بلد غلب عليه الجبابرة ، ويجيزون الغزو معهم أيضاً ، كما كانوا يأخذون بأحكامهم ، ولايرون في ذلك بأساً طالما أنّ أحكامهم كانت موافقة للحقّ والعدل ، وكانوا يستحسنون أفعالهم إذا جاءت على هذه الصفة.
من ذلك : ما حدث عندما عرض على عبدالملك بن مروان أمر رجل
__________________
١ ـ الدكتور رجب محمّد عبدالحليم : الاباضية في المصر والمغرب : ١٥.