براء ولهم أعداء ، بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا ، نعيش على ذلك ما عشنا ونموت عليه إذا متنا ، ونبعث عليه إذا بعثنا ، نحاسب بذلك عندالله.
وكتبت إليّ تحذّرني الغلو في الدين ، وإنّي أعوذ بالله من الغلو في الدين ، وساُبيّن لك ماالغلو في الدين إذا جهلته ، فإنّه ما كان يقال على الله غير الحق ويعمل بغير كتابه الذي بيّن لنا وسنّة نبيه الذي بيّن لنا ، اتباعك قوماً قد ضلّوا وأضلّوا عن سواء السبيل. فذلك عثمان والأئمّة من بعدهم وأنت على طاعتهم وتجامعهم على معصية الله ، والله يقول : ( يا أهْلَ الكِتابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ولا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إلاَّ الحَقَّ ) (١). فهذا سبيل أهل الغلو في الدين فليس من دعا إلى الله وإلى كتابه ورضى بحكمه ، وغضب لله حين عصي أمره ، وأخذ بحكمه حين ضيع وتركت سنّة نبيّه.
وكتبت إليّ تعرض على الخوارج ، تزعم أنّهم يغلون في دينهم ويفارقون أهل الإسلام ، وتزعم أنّهم يتّبعون غير سبيل المؤمنين ، وإنّني اُبيّن لك سبليهم ، إنّهم أصحاب عثمان ، والذي أنكروا عليه ما أحدث من تغيير السنّة ، فارقوه حين أحدث وترك حكم الله ، وفارقوه حين عصى ربّه ، وهم أصحاب عليّ بن أبي طالب حين حكّم عمرو بن العاص (٢) وترك حكم الله ، فأنكروه عليه وفارقوه فيه وأبوا أن يقرّوا لحكم البشر دون حكم كتاب الله ، فهم لمن بعدهم أشدّ عداوة وأشدّ مفارقة. كانوا يتولّون في دينهم وسنّتهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبا بكر وعمر بن الخطاب ، ويدعون إلى سبيلهم ويرضون بسنّتهم على ذلك ، كانوا يخرجون وإليه يدعون وعليه يفارقون. وقد علم من عرفهم من الناس ورأى عملهم أنّهم كانوا أحسن الناس
__________________
١ ـ النساء : ١٧١.
٢ ـ لم يحكّم عمروبن العاص ، وإنّما حكّم القرآن كما تشهد على ذلك وثيقة التحيكم.فلاحظ.