من أمر الله بمعصيته. أن نطيعه فهذا الذي أدركنا عليه نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإنّ هذه الاُمّة لم تحرّم حراماً ولم تسفك دماءً إلاّ حين تركوا كتاب ربّهم الذي أمرهم أن يعتصموا به ، ويأمنوا عليه ، وانّهم لايزالون مفترقين مختلفين حتى يراجعوا كتاب الله وسنّة نبيّه ، وينتصحوا كتاب الله على أنفسهم ، ويحكّموه إلى ما اختلفوا فيه. فإنّ الله يقول : ( وما اخْتَلَفْتُمْ فِيِه مِنْ شَيء فَحُكْمُهُ إلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ والَيْهِ أُنيبُ ) (١). وإنّ هذا هو السبيل الواضح لايشبّه به شيء من السبل ، وهو الذي هدى الله به من كان قبلنا ، محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم والخليفتين الصالحين من بعده ، فلايضلّ من اتّبعه ولايهتدي من تركه ، وقال : ( وانَّ هذا صِرَاطِى مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوهُ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيِلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢). فاحذر أن تفرّق بك السبل عن سبيله ، ويزّين لك الضلالة باتّباعك هواك فيما جمعت إليه الرجال ، فإنّهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً ، إنّما هي الأهواء والدين. إنّما يتبع الناس في الدنيا والآخرة إمامين ، إمام هدى ، وإمام ضلالة. أمّا إمام الهدى فهو يحكم بما أنزل الله ويقسم بقسمه ويتبع كتاب الله ، وهم الذين قال الله : ( وجعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ ) (٣) وهؤلاء أولياء المؤمنين الذين أمرالله بطاعتهم ، ونهى عن معصيتهم. وأمّا إمام الضلالة فهو الذي يحكم بغير ما أنزل الله ويقسم بغير ما قسم الله ، ويتبع هواه بغير سنّة من الله فذلك كفر كما سمّى الله ، ونهى عن طاعتهم وأمر بجهادهم ، وقال : ( فَلا تُطِعِ الكافِرينَ وجاهِدَهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيرا ) (٤).
__________________
١ ـ الشورى : ١٠.
٢ ـ الأنعام : ١٥٣.
٣ ـ السجدة : ٢٤.
٤ ـ الفرقان : ٥٢.