إنّ معنى ذلك انّه يجوز لاّحاد من المسلمين في البدو والقرى ، أن يختاروا رجلاً فيبايعوه على الخلافة وإن كان المبايعون بُعَداء عن العاصمة الإسلامية الّتي فيها أهل الحل والعقد.
لو صحّ أنّ الإمام خلع نفسه ـ ولن يصحّ حتى ولو صحّت الأحلام ـ فالواجب على المسلمين طرح الخلافة في شورى إسلامية عالميّة تضمّ إليها أكابر العلماء والفقهاء ، وأهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار ، ومن اتّبعهما بإحسان ، حتى يختاروا لأنفسهم إماماً ، لاطرحها في بيت مسدود ليس فيه إلاّ اُناس خرجوا على إمامهم الّذي تمّت البيعة له في مثل تلك الشورى ، لأنّ تصحيح ذلك بمعنى تصحيح الفوضى في صفوف المسلمين ، وشقّ عصاهم ، وفصم عراهم ، وغير ذلك ممّا لايخفى على القارئ الكريم بطلانه.
٦ ـ والعجب انّ الكاتب نقض ما كتبه هنا بما ذكره في الحلقة الثالثة من ذلك الكتاب ، فإذا وصف الإمام في المقام ، بأنّه استجاب لدعاة الهزيمة وأخذ بنصيحة طلاّب الخدعة ، فقد صرّح في المقام الآخر بأنّ الإمام « عرف أنّها احدى المكائد الّتي تفطّن إليها ذهن عمرو بن العاص ، وأصرَّ هو واصحابه على الجهاد ، وكان الإمام والمخلصون من أصحابه يكافحون لإقناع بقيّة الجيش بصواب موقفهم (مواصلة الحرب) ونبذ الاستماع إلى هذه الخدعة الحربية » وإن كنت في شكٍّ ممّا نقلناه عنه فاقرأ نصّه :
خالف معاوية بن أبي سفيان اجماع الاُمّة واشعل نار الفتنة وجهّز جيشاً لمحاربة الخليفة الشرعي الّذي اختاره المسلمون ، وقابله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بما يقابل به خليفة شرعي فئة باغية ، فجهّز جيشاً من أبطال الإسلام وقاده بنفسه ، والتقى الجيشان في صفّين ، وابتدأ القتال وعرف معاوية أنّه إذا لم يكن يلجأ إلى الحيلة فإنّه سوف يخسر القضية في