يمهلوه فواقَ ناقة أو عدوة الفرس فما أمهلوه. قال لهم : امهلوني فواقاً فإنّي قد أحسست بالفتح. قالوا : لا. قال : فامهلوني عدوة الفرس ، فإنّي قد طمعت في النصر ، قالوا : اذن ندخل معك في خطيئتك. قال : وحدثوني عنكم ـ وقد قتل أماثلكم وبقي أرذالكم (١).
فالحقّ إنّ الخوارج كانوا أنصار عليّ في البداية وإلى أثناء حرب صفّين ثمّ انقلبوا.
وممّا يندي الجبين انّ زيد بن حصين الطائي قد قدم إلى عليّ ومعه عصابة من القرّاء فنادوه كما عرفت (٢) لا بإمرة المؤمنين بل باسمه وفرضوا عليه قبول التحكيم ، وهو بعد أيّام قلائل كان المرشّح الأوّل في أخذ البيعة لواحد من المحكّمة في الحروراء ، يقول الطبري :
قال حمزة بن سنان الأسدي : إنّ الرأي ما رأيتم ، فولّوا أمركم رجلاً منكم فإنّه لابدّ لكم من عماد وسنان ، وراية تحفّون بها وترجعون إليها ، فعرضوها على زيد بن حصين الطائي فأبى ، وعرضوها على حرقوص بن الزهير فأبى ، وعلى حمزة بن سنان وشريح بن أوفى العبسي فأبيا ، وعرضوها على عبد الله بن وهب ، فقال : هاتوها ... (٣)
فالرجل ذو طبيعة متسرّعة في القضاء ، فيوماً يفرض التحكيم على علي ويوماً آخر يستنكر التحكيم ويرشَّح لقيادة الثورة على علي لأجل قبول التحكيم!!
٤ ـ قد جادت قريحة العلاّمة الفقيه الشيخ محمود البغدادي ـ دامت معاليه ـ بقصيدة ضافية فنّد فيها ما جاء في الأبيات السابقة نقتطف منها مايلي :
__________________
١ ـ ابن مزاحم : وقعة صفّين ٤٩٩.
٢ ـ ابن مزاحم : وقعة صفّين ٤٩٩.
٣ ـ تاريخ الطبري : ٤ / ٥٥.