٣ ـ يشير الشاعر بقوله : « تنادي اعيروني الجماجم كرّة ـ فقد قدّموها والوطيس سعير » إلى ما خدموا عليّاً عليهالسلام في الجمل وفي صفّين قبل رفع المصاحف وهو صادق في هذا العزو والنسبة ، ولكنّهم يا للأسف بخلوا بها في الموقف الحاسم الّذي كان بينه وبين النصر خطوة ، وذلك عندما رفع أهل الشام المصاحف. قال الإمام : « عباد الله ، إنّي أحق من اجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة ، وابن أبي سرح ، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إنّي أعرف بهم منكم ، صحبتهم أطفالاً ، وصحبتهم رجالاً ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال. إنّها كلمة حق يرادبها باطل. انّهم والله ما رفعوها انّهم يعرفونها ويعملون بها ، ولكنّها الخديعة والوهن والمكيدة. أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة ، فقد بلغ الحق مقطعة ، ولم يبق إلآ أن يقطع دابر الذين ظلموا » فجاء زهاء عشرين ألفاً مقنّعين في الحديد شاكي السلاح ، سيوفهم على عواتقهم ، وقد اسودّت جباههم من السجود ، يتقدمهم مسعر بن فدكي ، وزيد بن حصين ، وعصابة من القرّاء الذين صاروا خوارج من بعد ، فنادوه باسمه لابإمرة المؤمنين : يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه ، والاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان ، فوالله لنفعلنها إن لم تجبهم فقال لهم : ويحكم ، أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله واوّل من أجاب إليه ، وليس يحلّ لي ولا يسعني في ديني أن اُدعى إلى كتاب الله فلا أقبله ، إنّي انّما اُقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن ، فإنّهم قد عصوا الله فيما أمرهم ، ونقضوا عهده ، ونبذوا كتابه ، ولكنّي قد أعلمتكم أنّهم قد كادوكم ، وأنّهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون. قالوا : فابعث إلى الأشترليأتيك وقد كان الأشتر صبيحة ليل الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله ...
وقد بلغ بخلهم وضنتهم باعارة جماجمهم إلى حد طلب منهم الأشتر أن