سبحانه : ( واذْ تَأَذَّنَ رَبُّكمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لاَزِيدَنَّكمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) (١).
على أنّه يحتمل أن يكون المراد من توصيف تارك الحج بالكفر ، هو كونه كافراً لجحد وجوبه ، فيرجع الأمر إلى جحد الرسالة ويؤيّده صدر الآية ( وللّهِ عَلّى النَّاسِ حجُّ البَيْتِ ) فأنبأ عن اللزوم ثمّ قال : ( ومنْ كَفَرَ ) بلزوم ذلك ومن المعلوم أنّ من أنكر لزومه فهو كافر.
٢ ـ ( فَلا وربِّكَ لايُؤْمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لايَجِدُوا فِي أنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ويسّلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٢) قيل : إنّه سبحانه أقسم بنفسه انّهم لايؤمنون إلاّ بتحكيم النبي والتسليم بحكمه ، وعدم وجدان الحرج في قضائه ، والتحكيم غير التصديق بل هو عمل خارجي (٣).
يلاحظ عليه : أنّ الآية وردت في شأن المنافقين ، فإنّهم كانوا يتركون النبي ويرجعون في دعاويهم إلى الأحبار ، وهم مع ذلك يدّعون الإيمان بالنبي والإذعان والتسليم له صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت الآية بأنّه لايقبل منهم ذلك الإدّعاء حتى يُرى أثر الإيمان في حياتهم ، وهو تحكيم النبي ، في المرافعات والمنازعات والتسليم المحض أمام قضائه ، وعدم احساسهم بالحرج ، وهذا هو الظاهر من الآية ، لا أن التحكيم بما أنّه عمل ، جزء من الإيمان وهذا نظير ما إذا ادّعى إنسان حبّاً لرجل فيقال له : إن كنت صادقاً فيجب أن يرى أثر الحبُ في حياتك ، فاعمل له كذا وكذا.
٣ ـ ( إنَّهُ لاييْأسُ مِن رَوْحِ اللهِ إلاّ القَوْمُ الكافِرُونَ ) (٤) بادّعاء أن الفاسق بفسقه
____________
١ ـ إبراهيم : ٧.
٢ ـ النساء : ٦٥.
٣ ـ ابن حزم الظاهري : الفصل ٣ / ١٩٥.
٤ ـ يوسف : ٨٧.