واصراره عليه ، آيس من روح الله فكان كافراً.
والجواب : انّ المدعى ممنوع : فإنّ فسّاق المؤمنين ليسوا بآيسين بل يرجون رحمة ربّهم بالتوبة أو الشفاعة ، أضف إليه : المراد من « الروح » هذا ، الفرج بعد الشدّة ، ومثل هذا اليأس من الكبائر الموبقة ، ولكنّه لا يوجب كفراً ، وذلك لأنّ النهي في الآية نهي تشريعي ومعناه أنّ اليأس من روح الله شأن الكافر دون المؤمن ، نظير قوله سبحانه : ( وما كَانَ لِمُؤْمِن أن يَقْتُلَ مَؤْمِناً إلاّ خَطَأً ) (١) أي ليس شأن المؤمن أن يقتل مؤمناً إلاّ عن خطأ خارجاً عن اختياره لا أنّ المؤمن لايقتل المؤمن عمداً أبداً ، وعلى ضوء ذلك فلو حصل اليأس من مؤمن فهو ركب الكبيرة الموبقة ، ومع ذلك فليس بكافر.
٤ ـ ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أنْزَلَ الله فَاُولئِكَ هُمُ الكافرون ) (٢).
يلاحظ عليه : أنّه سبحانه وصف من لم يحكم بما أنزل الله بأوصاف ثلاثة :
أ ـ ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أنْزَلَ اللهُ فَاُولئِكَ هُمُ الكافرون ) (٣).
ب ـ ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أنْزَلَ اللهُ فَاُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ ) (٤).
ج ـ ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أنْزَلَ اللهُ فَاُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ ) (٥).
والآيتان الأوّليتان نزلتا في حق اليهود ، كما هو لائح من صدريهما.
والآية الثالثة في مورد النصارى ومع ذلك لايكون المورد مخصّصاً للآيات بهما والمقصود هو أنّ من لم يحكم بما أنزل الله سواء أكان من أهل الكتاب أو غيرهم ، فهو ظالم وفاسق وكافر ، أمّا كونه ظالماً ، فلأنّه تعدّى عن
__________________
١ ـ النساء : ٩٢.
٢ ـ المائدة : ٤٤.
٣ ـ المائدة : ٤٤.
٤ ـ المائدة : ٤٥.
٥ ـ المائدة : ٤٧.