وجه الاستدلال انّ الفاسق ممّن خفّت موازينه ، ومن خفّت موازينه فهو مكذّب حسب ظاهر الآية ، والمكذّب كافر بالاتّفاق.
يلاحظ عليه : أنّ المراد من الموصول في قوله « ومن خفَّت موازينه » ليس كل من خفّت موازينه سواء كان مكذّباً بآيات الله أم مصدّقاً بها حتى يعمّ المؤمن الفاسق ، بل المراد هو القسم الخاص أعني الذين خفّت موازينهم لأجل التكذيب ، لالأجل أمر آخر ، أعني ارتكاب الكبيرة مع التصديق ، ويوضّح هذا الجواب ، ما ذكرناه في الآية المتقدّمة ، فلاحظ (١).
١٦ ـ ( وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ ) (٢).
يلاحظ عليه : أنّ الآية ، دليل على أنّ كل كافر فاسق ، ولا تدلّ على العكس كما هو واضح.
ثم إنّ الإمام علي عليهالسلام ردّ على قول الخوارج بأنّ المسلم بارتكاب المعصية يصير كافراً بكلام منه موضع الحاجة :
قال مخاطباً الخوارج : « فإن أبيتم إلاّ أن تزعموا أنّي أخطأتُ وضللتُ ، فلم تُضَلِّون عامّة امّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بِضَلالي ، وتأخذونهم بخطئي ، وتكفّرونهم بذنوبي! سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم ، وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب ، وقد علمتم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجم الزاني المحصن ، ثمّ صلّى عليه ، ثم ورّثه أهله ، وقتل القاتل وورّث ميراثه أهله ، وقطع السارق ، وجلد الزاني غير المحصن ، ثم قسم عليهما من الفيء ، ونكحا المسلمات ، فأخذهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذنوبهم ، وأقام حقّ الله فيهم ، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام ولم يخرج أسماءهم من
____________
١ ـ راجع الآية ٩ ـ ١١ من سورة القارعة.
٢ ـ النور : ٥٥.