و فوق اُولئك ، امام الشيعة ، أبو الشهداء الحسين واصحابه الذين هم سادة الشهداء وقادة أهل الإباء.
وبذلك ظهر أنّ ايجاب التقيّة على الاطلاق وتحريمها كذلك ، بين الافراط والتفريط. والقول الفصل هو تقسيم التقيّة إلى الواجب والحرام ، أو إلى الجائز ـ بالمعنى الأعم ـ والحرام.
وبما أنّ الشيعة اشتهرت بالتقيّة بين سائر الفرق ، وربّما تُزرى بها وتتَّهم بالنفاق فقد أشبعنا الكلام فيها ، وبيّنا ، الفرق بين التقيّة والنفاق في أبحاثنا الكلامية (١).
وهناك كلمة للعلاّمة المحقّق السيد الشهرستاني نأتي بها هنا :
قال : المراد من التقيّة إخفاء امر ديني لخوف الضرر من إظهاره ، والتقيّة بهذا المعنى ، شعار كلّ ضعيف مسلوب الحرية ، إلاّ أنّ الشيعة قد اشتهرت بالتقيّة أكثر من غيرها ، لأنّها منيت باستمرار الضغط عليها أكثر من أيّ اُمّة اُخرى ، فكانت مسلوبة الحرية في عهد الدولة الأمويّة كلِّه ، وفي عهد العباسيين على طوله وفي أكثر أيام الدولة العثمانية ولأجله استشعروا شعار التقيّة أكثر من أيّ قوم ، ولمّا كانت الشيعة تختلف عن الطوائف المخالفة لها في قسم مهم من الاعتقادات في اُصول الدين ، وفي كثير من المسائل الفقهية ، وتستجلب المخالفة (بالطبع) رقابة وحزازة في النفوس ، وقد يجرّ إلى اضطهاد أقوى الحزبين لأضعفه ، أو اخراج الأعزّ منهما الأذلّ كما يتلوه علينا التاريخ وتصدّقه التجارب ، لذلك أضحت شيعة الأئمّة من آل البيت تضطرّ في أكثر الأحيان إلى الكتمان لصيانة النفس والنفيس ، والمحافظة على الوداد والاُخوّة مع سائر اخوانهم المسلمين ،
__________________
١ ـ لاحظ الإلهيّات ٢ / ٩٢٥ ـ ٩٣٣ بقلم حسن محمد مكي العاملي.