يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (١) ويقول أيضاً : ( وَجَآءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَـمُوسَى إِنَّ الْمَلاََ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّـصِحِينَ ) (٢).
نعم لوجوب التقيّة أو جوازها شروط واحكام ذكرها العلماء في كتبهم الفقهية ولأجل ذلك حرّموا التقيّة في موارد ، كقتل المؤمن تقيّة ، أو ارتكاب محرّم يوجب الفساد الكثير ، ولأجل ذلك نرى أنّ كثيراً من عظماء الشيعة واكابرهم رفضوا التقيّة في بعض الأحايين وتهيّأ وللشنق على حبال الجور ، والصلب على أخشاب الظلم. وكلّ من استعمل التقيّة أو رفضها ، له الحسنى ، وكلّ عمل بوظيفته الّتي عيّنتها ظروفه.
إنّ التاريخ يحكي لنا عن الكثير من رجالات الشيعة الذين تركوا التقيّة وقدَّموا نفوسهم المقدَّسة قرابين للحقّ ، ومنهم شهداء « مرج العذراء » وقائدهم الصحابّي العظيم الّذي أنهكته العبادة والورع ، حجر بن عدي الكندي ، الّذي كان من قادة الجيوش الاسلامية الفاتحة للشام.
ومنهم ميثم التمّار ، ورشيد الهجري ، وعبد الله بن يقطر الذين شَنَقهم ابن زياد في كناسة الكوفة ، هؤلاء والمئات من أمثالهم هانت عليهم نفوسهم العزيزة في سبيل الحقّ ، ونطحوا صخرة الباطل ، بل وجدوا العمل بالتقيّة حراماً ، ولو سكتوا وعملوا بها وأصبح دين الإسلام دينَ معاوية ويزيد وزياد وابن زياد ، دينَ المكر ، ودينَ الغدر ، ودينَ النفاق ، ودينَ الخداع ، دين كل رذيلة ، واين هو من دين الإسلام الحقّ ، الّذي هو دين كل فضيلة ، اُولئك هم أضاحي الإسلام وقرابين الحق.
__________________
١ ـ غافر : ٢٨.
٢ ـ القصص : ٢٠.