والحب أمران قلبيّان ومتنافيان أثراً في القلب ، فكيف يمكن اجتماعهما ، فاستثناء الاّتقاء استثناء منقطع.
٢ ـ قوله سبحانه : ( مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إِيمَـنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالاِْيمَـنِ * وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (١) فترى انّه سبحانه يجوّز إظهار الكفر كرهاً ومجاراة الكافرين خوفاً منهم ، بشرط أن يكون القلب مطمئنّاً بالايمان. فلو كانت مداراة الكافرين في بعض الظروف حراماً ، فلماذا رخّصه الإسلام واباحه ، وقد اتّفق المفسّرون على أنّ الآية نزلت في جماعة اُكرهوا على الكفر ، وهم عمّار وابوه « ياسر » واُمّه « سميّة » ، وقتل أبو عمّار وامّه ، واعطاهم عمّار بلسانه ، ما أرادوا منه. ثم أخبر سبحانه بذلك رسول الله ، فقال قوم : كفر عمّار ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كّلا ، إنّ عمّاراً مُلِئ ايماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ». وجاء عمّار إلى رسول الله وهو يبكي ، فقال : « ماوراءك »؟ فقال : « شرّ يا رسول الله ، ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتم بخير ». فجعل رسول الله يمسح عينيه ويقول : « إن عادوا فعدلهم بما قلت » فنزلت الآية (٢).
وبذلك يظهر ، أنّ تحريم التقيّة على وجه الاطلاق اجتهاد في مقابل النصّ ، فإنّ الآية تصرّح بأنّ من نطق بكلمة الكفر مُكْرَهاً وقاية لنفسه من الهلاك ، لاشارحاً بالكفر صدراً ، ولا مستحسناً للحياة الدنيا على الآخرة ، لا يكون كافراً ، بل يعذر.
٣ ـ ( وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَـنَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أن يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِالْبَيِّنَـتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَـذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً
__________________
١ ـ النحل : ١٠٦.
٢ ـ الطبرسي : مجمع البيان ٣ / ٣٨٨ ونقله غير واحد من المفسرين.