فلا ينافي ثبوت الرجم مع الجلد في بعض الموارد ، فإنّه لاينفي غير الجلد من سائر العقوبات ، هذا إذا قلنا بثبوت الجلد والرجم مطلقاً على المحصن ، وامّا إذا خصصنا الجمع بالشيخ والشيخة ، واخرجنا الشاب والشابة ، فتكون السنّة مخصصّاً لاّية الجلد ، فإنّ عموم القرآن يخصّص بالدليل القطعي ، وليس هذا نسخاً بل تخصيصاً ، وكم من فرق بين التخصيص والنسخ يقف عليه المعنّيون بعلم الاُصول.
وأمّا الخوارج فقالوا بالجلد دون الرجم واحتجّوا بالوجهين التاليين :
١ ـ قوله سبحانه : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَحِد مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَة ) قالوا : لايجوز ترك كتاب الله الثابت بطريق القطع واليقين لأخبار آحاد يجوز الكذب فيها.
٢ ـ إنّ هذا يفضي إلى نسخ الكتاب والسنّة وهو غير جائز (١).
يلاحظ على كلا الوجهين : أمّا الأوّل : فلأنّ القول بالرجم مضافاً إلى الجلد لايستلزم ترك كتاب الله ، لأنّ اثبات الشيء أي الجلد لايكون دليلاً على نفي غيره ، فأيّ مانع من أن تكون العقوبة في مطلق الزنا هي الجلد ، وفي خصوص المحصن ، الجلد مع الرجم؟
هذا إذا قلنا بجلد المحصن مطلقاً ، وامّا إذا خصصنا الجمع بالشيخ والشيخة ، وقلنا بكفاية الرجم في غير الشاب والشابّة ، فأقصى ما يلزم تخصيص الكتاب بالسنّة القطعية وهو ليس بأمر شاذ ، كيف لايكون كذلك وقد اشتهر « وما من عام إلاّ وقد خصّ ».
أمّا الثاني : فلأنّه خلط بين نسخ حكم الكتاب وتخصيصه ، والفرق بينهما واضح لايخفى.
____________
١ ـ ابن قدامة : المغني ٩ / ٤.