٢ ـ قال تعالى : ( وَمَنْ لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أنْ يَنْكِحَ الُْمحْصَنَـتِ الْمُؤْمِنَـتِ فَمِن مَّا مَـلَكَتْ أَيمَـنُكُمِ مِّنْ فَتَيَـتِـكُمُ الْـمُؤْمِنَـتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَـنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّنْ بَعْض فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) (١).
استدّل بالآية على المنع بوجهين :
أ ـ إنّ الآية تأمر من لم يجد ما يتزوّج به الحرائر المؤمنات من المهر والنفقة ، أن ينكح الإماء المؤمنات فإنّ مهور الإماء أقلّ ومعونتهنّ أخف عادة ، فلو جاز نكاح الكافرة في هذه الحالة لزم جواز نكاح الأمة المؤمنة مع الحرّة الكافرة ، ولم يقل به أحد ، لأنّه من قبيل الجمع بين الحرّة والأمة.
ب ـ إنّ التوصيف بالمؤمنات في قوله : ( مِّنْ فَتَيَـتِـكُمُ الْـمُؤْمِنَـتِ ) يقتضي أن لا يجوز نكاح الفتيات الكافرات مع انتفاء الطول ، وليس إلاّ لامتناع نكاحهنّ مطلقاً ، للاجماع على انتفاء الخصوصية بهذا الوجه (٢).
يلاحظ على الوجه الأوّل : أنّ أقصى ما يستفاد من الآية على القول بمفهوم الوصف أنّه لا يجوز عند عدم الطول ، نكاح الأمة الكافرة مع وجود الأمة المسلمة ، وامّا عدم جواز تزويج الحرّة الكافرة مع الطول أو عدمه ، فلا تدلّ عليه الآية ، لأنّ المفهوم ينفي الحكم عن الموضوع الفاقد للوصف لا عن موضوع آخر ، والموضوع للجواز هو ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ، فمقتضى المفهوم عدم جواز نكاح الأمة الكافرة في هذه الحال ، وامّا الحرّة الكافرة ، فهو خارج عن موضوع البحث نفياً واثباتاً.
ويلاحظ على الوجه الثاني : أنّ التوصيف بالمؤمنات يقتضي أن لايجوز نكاح الكافرة من الاماء مع انتفاء الطول ولكن لم يعلم انّ وجه حرمتها هو امتناع
____________
١ ـ النساء : ٢٥.
٢ ـ الشيخ محمّد حسن النجفي : جواهر الكلام ٣ / ٢٨.