منهم (١).
وقال الطبري : لمّا أراد عليّ أن يبعث أبا موسى إلى الحكومة أتاه رجلان من الخوارج : زرعة بن برج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي (٢) ، فدخلا عليه فقالا له : لا حكم إلاّ لله ، فقال علي عليهالسلام : لا حكم إلاّ لله ، فقال له حرقوص : تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتى نلقى ربّنا ، فقال لهم علي : قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبينهم كتاباً وشرطنا شروطاً وأعطينا عليها عهودنا ومواثيقنا ، وقد قال الله عزّوجل : ( واُوفوا بَعَهْدِ الله اِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الاَيمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وقدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفيلا انّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُون ). فقال له حرقوص : ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه ، فقال علي : ما هو ذنب ولكنّه عجز من الرأي وضعف من الفعل وقد تقدّمت إليكم فيما كان منه ونهيتكم عنه ، فقال له زرعة بن البرج : أما والله يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله عزوجل قاتلتك أطلب بذلك وجه الله ورضوانه ، فقال له علي : بؤسا لك ما أشقاك كأنّي بك قتيلا تسفى عليك الريح. قال : وددت أن قد كان ذلك ، فقال له علي : لو كنت محقَاً كان في الموت على الحق تعزية عن الدنيا. إنّ الشيطان قد استهواكم فاتّقوا الله عزّوجلّ إنّه لا خير لكم في دنيا تقاتلون عليها فخرجا من عنده يُحكِّمان (٣).
روى ابن مزاحم عن شقيق بن سلمة قال : جاءت عصابة من القرّاء قد
__________________
١ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٥٨٩ ـ ٥٩٠.
٢ ـ إنّ الاباضية ـ الفرقة الباقية من الخوارج ـ يقولون المحكمة الاُولى نظراء : زرعة ، وحرقوص ، والراسبي مُحِقوُن بحجة أنّهم أرادوا أن لا يحكم الرجال فيما حكم فيه سبحانه وهو قتال أهل البغي حتى يفيئوا ، ولكنّهم لا يذكرون شيئاً من أنّهم كانوا هم الأساس لمسألة التحكيم ، وهم الذين فرضوا على الإمام ، هذا الأمر. فلتكن على ذكر من هذا النقل حتى يحين وقت دراسة الموضوع.
٣ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٥٢ ـ ٥٣.