ونادوا (١) : عليّاً ، يا ابن عمّ محمّد |
|
أما تتقي أن يهلك الثقلان |
فمن للذراري بعدها ونسائنا |
|
ومن للحريم أيّها الفَتَيانِ (٢) |
٢ ـ إنّ البساطة والسذاجة من الاُمور التي تسود أهل البادية حيث لا يملكون الوعي الفكري والتجربة الإجتماعية ، وجلّ القبائل التي كانت تحارب تحت لواء عليّ من القاطنين في البادية غير متمدّنين ، فطبيعة عيشهم هو الصدق والصفاء والإيمان بظواهر الاُمور دون أن يتعمّقوا فيها لمعرفة ما يدور خلف الستار من خفايا ، ولأجل ذلك اغتّروا بظاهر الأمر وزعموا أنّ رفع المصاحف على الأسنّة لأجل الاستظلال في ظلّه والعيش تحت رايته.
غير أنّ الإمام والواعين من قادة جيشه علموا أنّ خلف هذا العمل مؤامرات وتفرّسوا بأنّ وارء هذا ليس إلاّ الفتنة ، ولأجل ذلك لمّا بعث علي عليهالسلام أحد النخعيين إلى الأشتر لإيقاف الحرب ورجوعه إلى معسكر الإمام ، فسأله الأشتر عن سبب الفتنة ، وقال : « ألِرَفع هذه المصاحف؟ » قال نعم ، قال : أما والله لقد ظننت أنّها حين رفعت ستوقد اختلافاً وفرقة (٣).
٣ ـ إنّ عيشة القوم كانت عيشة قبيلة والنظام القبلي يفرض على كافة أفراد القبيلة ، الطاعة العمياء لرئيسها فإذا أصحر الرئيس بالرأي ، فالباقون بحكم الأغنام يتبعونه من دون تفكّر ووعي ، ولمّا كان في جيش علي عليهالسلام رؤوس البطون ، وخضعوا للتحكيم ، لم يبق مجال لغيرهم في القبول والرفض ، ولأجل ذلك صار التحكيم فرضاً من جانب عشرين ألفاً مقنّعين بالحديد ، ومن البعيد جداً أن يكون حكم كلّ واحد من هؤلاء صادراً عن وعي وامعان.
__________________
١ ـ يعني أهل العراق.
٢ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٦٠٢.
٣ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٥٦٢.