المحيل : قصدت الوكالة ، وقال القابض : بل أحلتني ، فالقول قول مدّعي الحوالة ، عملا بالأصل في الوضع ، (١) ويحتمل تقديم قول المحيل ، عملا بأصالة بقاء الحقّ ، واختاره الشيخ رحمهالله (٢). فعلى الأوّل يحلف المحتال ويثبت حقّه في ذمّة المحال عليه ، ويسقط عن المحيل ، وعلى الثاني يحلف المحيل ويبقى حقّه في ذمّة المحال عليه.
وعلى التقديرين إن كان المحتال قبض الحقّ ، وتلف في يده ، فقد برئ كلّ منهما من صاحبه من غير ضمان وإن كان بتفريط ، لأنّ المحتال إن كان محقّا فقد أتلف ماله ، وإن كان مبطلا. ثبت لكلّ منهما في ذمّة الآخر مثل ما في ذمّته له ، فيتقاصّان ، ويسقطان.
وإن تلف من غير تفريط ، فالمحتال يقول : قبضت حقّي ، وبرئ منه المحيل بالحوالة ، والمحال عليه بالتسليم ، والمحيل يقول : تلف المال في يد وكيل بغير تفريط ، فلا ضمان.
وإن لم يتلف لم يملك المحيل طلبه ، لاعترافه أنّ عليه من الدّين مثل ماله في يده ، وهو مستحقّ لقبضه ، فلا فائدة في أن يقبضه منه.
ويحتمل أن يملك أخذه منه ، ويملك بالمحتال مطالبته بدينه ، وهو الوجه.
ولا موضع للبيّنة هنا ، لعدم اختلافهما في لفظ يسمع أو فعل يرى ، وإنّما اختلافهما في القصد.
وإن لم يقبض المحتال من المحال عليه ، لم يكن له القبض بعد ذلك مع
__________________
(١) عدم نقل اللفظ عمّا وضع له.
(٢) المبسوط : ٢ / ٣١٥.