وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (الإسراء : ٤٤) ؛ أي أنه كان لتسابيح المسبحين حليما عن تفريطهم ؛ غفورا لذنوبهم ؛ ألا تراه قال في موضع آخر : (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الشورى : ٥) ؛ وكأنها اشتملت على ثلاثة معان : إما العفو عن ترك البحث المؤدّي إلى الفهم ، لما في الأشياء من العبر ، وأنتم على العصيان. أو يريد بها الأشياء كلها تسبّحه ؛ ومنها ما يعصيه ويخالفه ، فيغفر عصيانهم بتسابيحهم.
تنبيه
قد تكون الفاصلة لا نظير لها في القرآن ؛ كقوله تعالى عقب الأمر بالغضّ في سورة النور : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٣٠) ، وقوله (١) عقب الأمر بطلب الدعاء والإجابة : (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة : ١٨٦). (٢) [وقيل فيه تعريض بليلة القدر ؛ أي لعلهم يرشدون] (٢) إلى معرفتها وإنما يحتاجون للإرشاد (٣) إلى ما لا يعلمون ؛ فإن هذه الآية الكريمة ذكرت عقب الأمر بالصوم وتعظيم رمضان وتعليمهم الدعاء فيه. وأنّ أرجى أوقات الإجابة فيه ليلة القدر.
الثاني : التصدير
كقوله تعالى : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى). (طه : ٦١).
وقوله : (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً). (الإسراء : ٢١).
وقوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء : ٣٧).
__________________
السنن الكبرى ٣ / ٣٤٥ من رواية أبي هريرة ، ومن رواية مسافع الديلي عن أبيه عن جده ، كتاب صلاة الاستسقاء ، باب استحباب الخروج بالضعفاء والصبيان.
(١) في المخطوطة : (وتركه).
(٢) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٣) في المخطوطة : (إلى الإرشاد).