وقال محمد بن جرير الطبري : (يشتمل على ثلاثة أشياء : التوحيد ، والإخبار ، والديانات ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : «قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن» وهذه السورة تشمل التوحيد كلّه).
وقال علي بن عيسى الرّماني : (القرآن يشتمل على ثلاثين شيئا : الإعلام والتنبيه ، والأمر ، والنهي ، والوعيد ، ووصف الجنّة ، والنار ، وتعليم الإقرار باسم الله ، وصفاته ، وأفعاله ، وتعليم الاعتراف بإنعامه ، والاحتجاج على المخالفين ، والردّ على الملحدين ، والبيان عن الرغبة والرهبة ، الخير والشر ، والحسن ، والقبيح ، ونعت الحكمة ، وفضل المعرفة ، ومدح الأبرار ، وذم الفجّار ، والتسليم ، والتحسين ، والتوكيد والتفريع ، والبيان عن ذم الاخلاف ، وشرف الأداء). قال الزركشي : (قال القاضي أبو المعالي عزيزي (١) : وعلى التحقيق أن تلك الثلاثة التي قالها محمد بن جرير تشمل هذه كلها بل أضعافها ، فإن القرآن لا يستدرك ، ولا تحصى غرائبه وعجائبه ، قال تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ) (الأنعام : ٥٩).
هذا هو التعريف الذي كان شائعا عند العلماء لعلوم القرآن ، وقد تغيّر مدلوله ـ كما أشرنا سابقا ـ ليطلق فيما بعد على المباحث المتعلقة بالقرآن الكريم ، وجمعها تحت اسم فن واحد هو : «علوم القرآن».
وقد بدأ هذا التعريف بالظهور مع بروز المحاولات الأولى لجمع «علوم القرآن» ، حين جمع ابن الجوزي (ت ٥٩٧ ه) في كتابه «فنون الأفنان» تسعة أنواع منها ، وجمع أبو شامة المقدسي (ت ٦٦٥ ه) في كتابه «المرشد الوجيز» أربعة أنواع ، وجمع الزركشي في كتابه «البرهان» سبعة وأربعين نوعا ، وجمع القاضي جلال الدين ، عبد الرحمن بن عمر بن رسلان الكناني المصري (ت ٨٢٤ ه) في كتابه «مواقع العلوم من مواقع النجوم» خمسين نوعا (٢). وجمع الحافظ جلال الدين السيوطي (ت ٩١١ ه) في
__________________
(١) هو عزيزي بن عبد الملك الفقيه الشافعي المعروف بشيذلة ، صاحب كتاب «البرهان في مشكلات القرآن» ت ٤٩٤ ه (شذرات الذهب ٣ / ٤٠١).
(٢) الإتقان ١ / ٤ ـ ٦.