إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ؛ ندال عليهم ويدالون (١) علينا ، فلما كانت ليلة ، أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه ، فقلت : لقد أبطأت علينا الليلة ، قال : إنه طرأ عليّ حزبي من القرآن ، فكرهت أن أجيء حتى أتمه ـ قال أوس ـ فسألت أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف تحزّبون القرآن؟ فقالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصّل وحده». رواه ابن ماجة (٢) عن أبي بكر بن شيبة عن أبي خالد الأحمر به ، ورواه أحمد (٣) في مسنده عن عبد الرحمن بن مهديّ وأبو يعلى (٤) الطائفيّ به.
وحينئذ فإذا عددت ثمانيا وأربعين سورة كانت التي بعدهن سورة «ق».
بيانه : ثلاث : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، وخمس : المائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، وبراءة ، وسبع : يونس ، وهود ، ويوسف ، والرعد ، وإبراهيم ، والحجر ، والنحل. وتسع : سبحان ، والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، والحج ، والمؤمنون ، والنور ، والفرقان. وإحدى عشرة : الشعراء ، والنمل ، والقصص ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان ، والم السجدة ، والأحزاب ، وسبأ وفاطر ، ويس. وثلاث عشرة : الصافات ، وص ، والزمر ، وغافر ، وحم السجدة ، وحم عسق ، والزخرف ، والدخان ، والجاثية ، والأحقاف ، والقتال ، والفتح ، والحجرات ، ثم بعد ذلك حزب المفصّل وأوّله (٥) سورة «ق» وأمّا آل حم (٦) فإنه يقال : إن حم اسم من أسماء الله تعالى ، أضيفت هذه السورة إليه ؛ كما قيل سور الله لفضلها وشرفها ، وكما قيل بيت الله ، قال الكميت (٧) :
__________________
(١) الإدالة : الغلبة ، يقال أديل لنا على أعدائنا ، أي نصرنا عليهم وكانت الدولة لنا ، والدّولة الانتقال من حال الشدّة إلى الرخاء (ابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث ٢ / ١٤١).
(٢) ابن ماجة ، السنن ١ / ٤٢٧ ، كتاب إقامة الصلاة (٥) ، باب في كم يستحب ختم القرآن (١٧٨) ، الحديث (١٣٤٥).
(٣) أحمد ، المسند (ط. الميمنية) ٤ / ٣٤٣ ، في مسند أوس بن حذيفة رضياللهعنه.
(٤) كذا في الأصول ، وصواب العبارة (عن أبي يعلى الطائفي) وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي ، كما في المسند لأحمد.
(٥) في المخطوطة : (وهو أوّل).
(٦) في المطبوعة : (حاميم).
(٧) الكميت بن زيد من بني أسد ويكنى أبا المستهل وكان معلما قال الأصمعي عن خلف الأحمر : «رأيت الكميت بالكوفة في مسجد يعلم الصبيان وكان أصم أصلخ لا يسمع شيئا وكان شديد التكلف في الشعر (ابن قتيبة ، الشعر والشعراء ص : ٣٨٥) ، وأما البيت فهو من قصيدة له مدح فيها آل بيت النبي صلىاللهعليهوسلم وهي إحدى القصائد الهاشميّات مطلعها :
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا منّي وذو الشّيب يلعب |
والبيت من شواهد سيبويه في «كتابه» ٣ / ٢٥٧. وانظر خزانة الأدب للبغدادي ٢ / ٢٠٧.