الفارسيّ (١) في «الحلبيّات» ؛ وقوله : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (القيامة : ١٧) ، أي جمعه في قلبك حفظا ، وعلى لسانك تلاوة ، وفي سمعك فهما وعلما. ولهذا قال بعض أصحابنا : إن عند قراءة القارئ تسمع قراءته المخلوقة ، ويفهم منها كلام الله القديم ؛ وهذا معنى قوله : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) (فصّلت : ٢٦) ، أي لا تفهموا ولا تعقلوا لأن السّمع الطبيعي يحصل للسامع شاء أو أبى.
٣ ـ وأما الكلام : فمشتق من التأثير ، يقال : كلمه إذا أثر فيه بالجرح ، فسمّي الكلام كلاما لأنه يؤثر في ذهن السامع فائدة لم تكن عنده.
٤ ـ وأما النور : فلأنّه يدرك به غوامض الحلال والحرام.
٥ ـ وأما تسميته «هدى» فلأن فيه دلالة بيّنة (٢) إلى الحق ، وتفريقا بينه وبين الباطل.
٦ ـ وأما تسمية «ذكرا» فلما فيه من المواعظ والتحذير وأخبار الأمم الماضية ؛ وهو مصدر ذكرت ذكرا ، والذكر : الشرف ، قال تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) [٤١ / ب] (الأنبياء : ١٠) أي شرفكم.
٧ ـ وأما تسميته «تبيانا» فلأنّه بيّن فيه أنواع الحق وكشف أدلّته.
٨ ـ [و] (٣) أما تسميته «بلاغا» فلأنه لم يصل إليهم حال أخبار النبي صلىاللهعليهوسلم وإبلاغه إليهم إلاّ به.
١٩ ـ وأما تسميته «مبينا» فلأنه أبان وفرّق بين الحق والباطل.
٢٠ و ٢١ ـ وأما تسميته «بشيرا ونذيرا» فلأنه بشّر بالجنة وأنذر من النار.
٢٢ ـ وأما تسميته «عزيزا» أي يعجز ويعزّ على من يروم أن يأتي بمثله فيتعذر ذلك عليه ؛ كقوله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ) (٤) [عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ] (٤)... الآية (الإسراء : ٨٨) ، والقديم لا يكون له مثل ؛ إنما المراد أن يأتوا بمثل هذا [الإبلاغ و] (٥) الإخبار
__________________
(١) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الإمام أبو علي الفارسي ، واحد زمانه في العربية أخذ عن الزجاج وبرع من طلبته ابن جني من تصانيفه : «الإيضاح في النحو» ت ٣٧٧ ه (القفطي ، إنباه الرواة ١ / ٣٠٨) ، وكتابه «المسائل الحلبيات» طبع بتحقيق د. حسن هنداوي بدار القلم في دمشق ١٤٠٧ ه / ١٩٨٧ م وانظر قوله فيه ص ٢٩٧ ، مسألة في تأويل أسماء كتاب الله تعالى.
(٢) في المخطوطة : (وتنبيه).
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.