فعام إلى حجّ وعام لغزوة |
|
فيعرفه البيت العتيق ووافده |
ولم يثنه يوما عن العلم والتّقى |
|
كواعب حسن تنثني ونواهده |
وأكثر سكناه بقفر بحيث لا |
|
تناغيه إلّا عفره وأوابده |
وما قوته إلّا شعير يسيغه |
|
بماء قراح ليس تغشى موارده |
عزوبا عن الدنيا وعن زهراتها |
|
وشوقا إلى المولى وما هو واعده |
ولمّا رأى من سيبويه نجابة |
|
وأيقن أنّ الحين أدناه باعده |
تخيّره إذ كان وارث علمه |
|
ولاطفه حتّى كأن هو والده |
وعلّمه شيئا فشيئا علومه |
|
إلى أن بدت سيماه واشتدّ ساعده |
فإذ ذاك وافاه من الله وعده |
|
وراح وحيد العصر إذ جاء واحده |
أتى سيبويه ناشرا لعلومه |
|
فلولاه أضحى النحو (١) عطلا شواهده |
وأبدى كتابا كان فخرا وجوده |
|
لقحطان إذ كعب بن عمرو محاتده |
وجمّع فيه ما تفرّق في الورى |
|
فطارفه يعزى إليه وتالده |
بعمرو بن عثمان بن قنبر الرّضا |
|
أطاعت عواصيه وتابت شوارده |
عليك قران (٢) النحو نحو ابن قنبر |
|
فآياته مشهودة وشواهده |
كتاب أبي بشر (٣) فلا تك قارئا |
|
سواه فكلّ ذاهب الحسن فاقده |
هم خلج بالعلم مدّت فعندما |
|
تناءت غدت تزهى وليست تشاهده |
ولا تعد عمّا حازه إنه الفرا |
|
وفي جوفه كلّ الذي أنت صائده (٤) |
إذا كنت يوما محكما في كتابه |
|
فإنّك فينا نابه القدر ماجده |
ولست تبالي إن فككت رموزه |
|
أعضّك دهر أم عرتك ثرائده |
هو العضب إن تلق الهياج شهرته |
|
وإن لا تصب حربا فإنّك غامده |
تلقّاه كلّ بالقبول وبالرّضى |
|
فذو الفهم من تبدو إليه مقاصده |
ولم يعترض فيه سوى ابن طراوة |
|
وكان طريّا لم تقادم معاهده |
وجسّره طعن المبرّد قبله |
|
وإنّ الثّمالي بارد الذّهن خامده |
__________________
(١) في الأصل : «للنحو عطلا» ، وكذا ينكسر الوزن.
(٢) في الأصل : «قرآن» ، وكذا ينكسر الوزن ، لذا خففنا همزة المد.
(٣) أبو بشر : هو نفسه سيبويه.
(٤) يشير هنا إلى المثل : «كل الصيد في جوف الفرا» يضرب لمن يفضّل على أقرانه. والفرا : أصلها : الفراء وهو الحمار الوحشي. مجمع الأمثال (ج ٢ ص ١٣٦).