هما ما هما صارا مدى الدهر ضحكة |
|
يزيّف ما قالا وتبدو مفاسده |
تكون صحيح العقل حتى إذا ترى |
|
تباري أبا بشر ، إذا أنت فاسده |
يقول امرؤ قد خامر الكبر رأسه |
|
وقد ظنّ أنّ النحو سهل مقاصده |
ولم يشتغل إلّا بنزر مسائل |
|
من الفقه في (١) أوراقه هو راصده |
وقد نال بين الناس جاها ورتبة |
|
وألهاك عن نيل المعالي ولابده |
وما ذاق للآداب طعما ولم يبت |
|
يعنّى بمنظوم ونثر يجاوده |
فينكح أبكار المعاني ويبتغي |
|
لها الكفو من لفظ بها هو عاقده |
رأى سيبويه فيه بعض نكادة |
|
وعجمة لفظ لا تحلّ معاقده |
فقلت : أما أتى (٢) ما أنت أهل لفهمه |
|
وما أنت إلّا غائض الفكر راكده |
لعمرك ما ذو لحية وتسمّت |
|
وإطراق رأس والجهات تساعده |
فيمشي على الأرض الهوينا كأنما |
|
إلى الملإ الأعلى تناهت مراصده |
وإيهامك الجهّال أنّك عالم |
|
وأنّك فرد في الوجود وزاهده |
بأجلب للنّحو الذي أنت هاجر |
|
من الدّرس بالليل الذي أنت هاجده |
أصاح ، تجنّب من غويّ مخذّل |
|
وخذ في طريق النّحو أنّك راشده |
لك الخير فادأب ساهرا في علومه |
|
فلم تشم إلّا ساهر الطّرف ساهده |
ولا ترج في الدنيا ثوابا فإنما |
|
لدى الله حقا أنت لا شكّ واجده |
ذوو النحو في الدنيا قليل حظوظهم |
|
وذو الجهل فيها وافر الحظّ زائده |
لهم أسوة فيها على لاغد (٣) مضى |
|
ولم يلق في الدنيا صديقا يساعده |
مضى بعده عنها الخليل فلم ينل |
|
كفافا ولم يعدم حسودا يناكده |
ولاقى أبا بشر خليل (٤) سفيهها |
|
غداة تمالت في ضلال يمادده |
أتى نحو هارون (٥) يناظر شيخه |
|
فنفحته (٦) حتّى تبدّت مناكده |
فأطرق شيئا ثم أبدى جوابه |
|
بحقّ ولكن أنكر الحقّ جاحده |
وكاد علي عمرا إذا صار حاكما |
|
وقدما عليّ كان عمرو يكايده |
سقاه بكأس لم يفق من خمارها |
|
وأورده الأمر الذي هو وارده |
__________________
(١) في الأصل : «وفي» وكذا ينكسر الوزن.
(٢) في الأصل : «أتيت» وكذا ينكسر الوزن.
(٣) في الأصل : «لغد» وكذا لا يستقيم الوزن.
(٤) كلمة «خليل» ساقطة في الأصل. وأبو بشر : هو سيبويه. وخليل : هو الخليل بن أحمد الفراهيدي.
(٥) هو اليهودي النحوي هارون بن موسى.
(٦) في الأصل : «فنفحة» ، وكذا ينكسر الوزن.