ناظر (١) إلى قوله تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (٢) لأن الاستتمام طلب التمام ، وهو (٣) مستلزم للزيادة ، وذلك باعث على رجاء المزيد ، وهذه اللفظة مأخوذة من كلام علي عليهالسلام في بعض خطبه (٤).
و «النعمة» هي المنفعة الواصلة إلى الغير على جهة الإحسان إليه ، وهي موجبة للشكر المستلزم للمزيد ، ووحّدها (٥) للتنبيه على أن نعم الله تعالى أعظم من أن تستتمّ على عبد ، فإن فيضه غير متناه كما ولا كيفا ، وفيها (٦) يتصور طلب تمام النعمة التي تصل إلى القوابل بحسب استعدادهم.
(والحمد فضله) أشار إلى العجز عن القيام بحق النعمة ، لأن الحمد إذا كان من جملة فضله فيستحقّ عليه حمدا وشكرا فلا ينقضي ما يستحقه من المحامد ، لعدم تناهي نعمه. واللام في «الحمد» يجوز كونه للعهد الذكري وهو المحمود به أولا (٧) ، وللذهني الصادر عنه ، أو عن جميع الحامدين ، وللاستغراق لانتهائه (٨) مطلقا إليه بواسطة أو بدونها (٩) فتكون كل قطرة من قطرات بحار
______________________________________________________
(١) أي قول المصنف : الله أحمد.
(٢) إبراهيم الآية : ٧.
(٣) أي الشكر.
(٤) حيث قال أمير المؤمنين عليهالسلام : (أحمده استتماما لنعمته ، واستسلاما لعزته ، واستعصاما من معصيته) (١).
(٥) أي المصنف حيث قال : لنعمته ، ولم يقل : لنعمه.
(٦) قال الشارح : «أي في توحيد النعمة وهي جعلها واحدة».
(٧) في قوله : الله أحمد.
(٨) أي انتهاء الحمد.
(٩) علّق الشارح بقوله : «اعلم أن العهد الخارجي على ثلاثة أقسام ، الأول : الذكري وهو الذي يتقدم لمصحوبها ذكر ، نحو قوله تعالى : (كَمٰا أَرْسَلْنٰا إِلىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) ، الثاني : العلمي وهو أن يتقدم بمضمونها علم ، نحو بالوادي المقدس طوى ، وتحت الشجرة ، لأن ذلك معلوم عندهم ، الثالث : الحضوري وهو أن يكون مصحوبها حاضرا ، نحو اليوم أكملت لكم دينكم ، والمراد من العهد الذهني هنا الثاني».
__________________
(١) نهج البلاغة رقم الخطبة ٢.