تعظيما لها ، وسافر بها قبل المقابلة فوقع فيها بسبب ذلك خلل ، ثم أصلحه المصنف بعد ذلك بما يناسب المقام ، وربما كان مغايرا للأصل بحسب اللفظ ، وذلك في سنة اثنين وثمانين وسبعمائة.
ونقل عن المصنف رحمهالله أن مجلسه بدمشق ذلك الوقت ما كان يخلو غالبا من علماء الجمهور لخلطته بهم وصحبته لهم ، قال : «فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب كنت أخاف أن يدخل عليّ أحد منهم فيراه ، فما دخل عليّ أحد منذ شرعت في تصنيفه إلى أن فرغت منه ، وكان ذلك من خفي الألطاف» ، وهو من جملة كراماته قدس الله روحه ونور ضريحه.
(وحسبنا الله) أي محسبنا وكافينا.
(ونعم المعين) عطف إما على جملة «حسبنا الله» ، بتقدير المعطوفة خبرية ، بتقدير المبتدأ مع ما يوجبه ، أي «مقول في حقه ذلك» ، أو بتقدير المعطوف عليها إنشائية ، أو على خبر المعطوف عليها خاصة فتقع الجملة الإنشائية خبر المبتدأ ، فيكون عطف مفرد متعلقه جملة إنشائية. أو يقال : إن الجملة التي لها محل من الإعراب لا حرج في عطفها كذلك ، أو تجعل الواو معترضة لا عاطفة ، مع أن جماعة من النحاة أجازوا عطف الإنشائية على الخبرية وبالعكس ، واستشهدوا عليه بآيات قرآنية ، وشواهد شعرية (١).
______________________________________________________
(١) قال الشارح : «الآيات التي استدلوا بها هي قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) ـ في سورة البقرة ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) في سورة الصف ، ذكر ذلك ابن هشام في المغني ، ونقله عن ابن عصفور.
قال أبو حيان : وأجاز سيبويه جاءني زيد ومن عمرو العاقلان ، على أن يكون العاقلان خبرا لمحذوف ، قال : ويؤيده قوله :
وإن شفائي عبرة مهراقة |
|
وهل عند رسم دارس من معوّل |
وقوله :
تناغي غزلا عند باب ابن عامر |
|
وكحّل أماقيك الحسان بإثمد |
واستدل الصفار أيضا بقوله :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم.
فإن تقديره عند سيبويه هذه خولان ، وأوضح من ذلك دلالة قوله تعالى : (إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ