ولزمها الفاء للثاني. و «بعد» ظرف زمان ، وكثيرا ما يحذف منه المضاف إليه وينوى معناه ، فيبنى على الضم.
(فهذه) إشارة إلى العبارات الذهنية التي يريد كتابتها ، إن كان وضع الخطبة قبل التصنيف ، أو كتبها إن كان بعده ، نزّلها منزلة الشخص المشاهد المحسوس ، فأشار إليه ب «هذه» الموضوع للمشار إليه المحسوس(اللّمعة) بضم اللام ، وهي لغة : البقعة من الأرض ذات الكلأ إذا يبست وصار لها بياض ، وأصله (١) من «اللمعان» وهو الإضاءة والبريق ، لأن البقعة من الأرض ذات الكلأ المذكور كأنها تضيء دون سائر البقاع. وعدّي ذلك إلى محاسن الكلام وبليغه ، لاستنارة الأذهان به ، ولتميّزه عن سائر الكلام ، فكأنه في نفسه ذو ضياء ونور(الدّمشقيّة) بكسر الدال وفتح الميم ، نسبها إلى «دمشق» المدينة المعروفة ، لأنه صنفها بها في بعض أوقات إقامته بها(في فقه الإمامية) الاثني عشرية أيدهم الله تعالى ، (إجابة) منصوب على المفعول لأجله ، والعامل محذوف ، أي صنفتها إجابة(لالتماس) وهو طلب المساوي من مثله ولو بالادعاء ، كما في أبواب الخطابة(بعض الدّيانين) أي المطيعين لله في أمره ونهيه.
وهذا البعض هو شمس الدين محمد الآوي من أصحاب السلطان علي بن مؤيّد ملك خراسان وما ولاها في ذلك الوقت ، إلى أن استولى على بلاده «تيمور لنك» فصار معه قسرا إلى أن توفي في حدود سنة خمس وتسعين وسبعمائة بعد أن استشهد المصنف قدسسره بتسع سنين.
وكان بينه وبين المصنف قدسسره مودة ومكاتبة على البعد إلى العراق ، ثم إلى الشام. وطلب منه أخيرا التوجه إلى بلاده في مكاتبة شريفة أكثر فيها من التلطف والتعظيم والحث للمصنف رحمهالله على ذلك ، فأبى واعتذر إليه ، وصنّف له هذا الكتاب بدمشق في سبعة أيام لا غير ، على ما نقله عنه ولده المبرور أبو طالب محمد ، وأخذ شمس الدين الآوي نسخة الأصل ، ولم يتمكن أحد من نسخها منه لضنته بها ، وإنما نسخها بعض الطلبة وهي في يد الرسول
______________________________________________________
(١) أصل الاشتقاق.