الحقائق الشرعية ـ (استعمال طهور مشروط بالنية) (١) فالاستعمال بمنزلة الجنس (٢) ، والطهور مبالغة في الطاهر (٣) ، والمراد منه هنا (٤) «الطاهر في نفسه المطهر لغيره» جعل بحسب الاستعمال متعديا وإن كان بحسب الوضع اللغوي لازما (٥) ، كالأكول (٦).
وخرج بقوله : «مشروط بالنية» إزالة النجاسة عن الثوب والبدن وغيرهما ، فإن النية ليست شرطا في تحققه ، وإن اشترطت في كماله (٧) ، وفي نرتب الثواب على فعله (٨) ، وبقيت الطهارات الثلاث (٩) مندرجة في التعريف ، واجبة ومندوبة ، مبيحة وغير مبيحة ، إن أريد بالطهور مطلق الماء والأرض كما هو الظاهر (١٠).
______________________________________________________
(١) اختلف الأصحاب في تعريف الطهارة ، فعن الشيخ أبي علي في شرح النهاية أنها الطهر من النجاسات ورفع الأحداث ، وتابعه الفاضل العجلي. والأكثر خصّها بالمبيح للعبادة دون إزالة الخبث ففي نهاية الشيخ ومنتهى العلامة الطهارة في الشريعة اسم لما يستباح به الدخول في الصلاة ، ثم مع أخذ قيد الاستباحة للصلاة في مفهوم الطهارة يقسمونها إلى واجبة ومندوبة ، والمندوب ما يرفع الحدث وما لا يرفعه ، وإلى ما يبيح وما لا يبيح ، فيدخلون في الأقسام ما هو خارج عن المقسم ، ولذا عمم بعضهم الطهارة إلى المبيح وغيره.
(٢) الجنس عند أهل الميزان مختص بالماهيات الخارجية ، وأما القدر الجامع في الاعتباريات والأفعال فمنزل منزلته.
(٣) لأنه من صيغ المبالغة على وزن فعول.
(٤) أي من الطهور في مقام الاستعمال.
(٥) لأن باب فعل ـ بضم العين ـ لازم ، والطهور من طهر بضم العين.
(٦) التمثيل باعتبار اختلاف الوضع والاستعمال ، فالطهور وصفا لازم واستعمالا متعد ، والأكول وصفا متعد كما هو واضح ، واستعمالا لازم لأنه يستعمل بمعنى كثير الأكل من غير ملاحظة المأكول.
(٧) أي كمال التطهير فيما لو أراد المكلف جعله عباديا.
(٨) لأن الأعمال بالنيات.
(٩) الغسل والوضوء والتيمم.
(١٠) لأن الطهور استعمال للماء في الغسل والوضوء أو استعمال للأرض في التيمم ، ومن ثمّ كان الطهور مطلق الماء والأرض.