الصاع ، وبذلك يظهر لك ما في كلام العلامة في المنتهى وقبله المحقق في المعتبر من ان المستحب هو الصاع فما زاد ، قال في المعتبر في تعداد سنن الغسل : «والغسل بصاع فما زاد لا خلاف بين فقهائنا في استحبابه» وقال في المنتهى : «الغسل بصاع فما زاد مستحب عند علمائنا اجمع» وقال الشهيد في الذكرى : «والشيخ وجماعة ذكروا استحباب الغسل بصاع فما زاد ، والظاهر انه مقيد بعدم أدائه إلى السرف المنهي عنه» انتهى.
أقول : لا يبعد ان ما نسبه الشهيد الى الشيخ وجماعة انما نشأ من نظره الى عبارتي المعتبر والمنتهى ، حيث ادعوا ان الحكم بذلك إجماعي ، والا فعبارات الشيخ (رحمهالله) التي قدمناها خالية عما نقله عنه ، واحتمال كون ذلك في موضع آخر من كتبه الظاهر بعده ، فان هذه الكتب الثلاثة هي المعول عليها في نقل مذاهبه غالبا ، وايضا لو كان كذلك لم ينقل ذلك على الإطلاق. ومما يدفع ما ادعاه الفاضلان المذكوران من الإجماع (أولا) ـ تصريح الأصحاب المتقدم ذكرهم بعدم الزيادة بل ظاهر كلامهم ان هذا نهاية الاستحباب. و (ثانيا) ـ ما تقدم في بحث الوضوء من مرسلة الفقيه (١) عنه (صلىاللهعليهوآله) قال : «الوضوء مد والغسل صاع وسيأتي أقوام من بعدي يستقلون ذلك فأولئك على خلاف سنتي والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس». وربما استفيد من اخبار كيفية الغسل دخول ماء الاستنجاء والغسل المستحب والمضمضة والاستنشاق في الصاع المذكور ، وصحيحة الفضلاء المتقدمة ظاهرة في دخول ماء الاستنجاء. واما تحقيق الصاع وقدره فسيأتي ان شاء الله تعالى في كتاب الزكاة.
المقصد الخامس
في الأحكام وفيه مسائل (الأولى) ـ المشهور بين الأصحاب وجوب الوضوء مع كل غسل إلا غسل الجنابة فإنه لا يجب معه إجماعا ، وهل يستحب معه أم لا؟ قولان
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٥٠ من أبواب الوضوء.