هنا حيث ان عنده ان كل غسل لا بد فيه من الوضوء إلا غسل الجنابة ، قال : «وإذا كان المراد بغسل الاستحاضة الطهارة لم يحصل المراد به إلا مع الوضوء ، اما علم الهدى فلا يلزمه ذلك لان الغسل عنده يكفي عن الوضوء» أقول : يمكن الجواب عما الزم به الشيخ بتخصيص خبر ابن ابي عمير (١) الذي هو معتمدهم في إيجاب الوضوء مع كل غسل عدا غسل الجنابة بهذه الأخبار الظاهرة في عدم الوضوء في هذه الصورة ، وقد تقدم تحقيق البحث في ذلك مستوفى في غسل الجنابة (٢) وان الحق عدم وجوب الوضوء مع الأغسال كائنة ما كانت.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن تنقيح البحث في المقام يتوقف على بيان أمور :
(الأول) ـ صرح شيخنا الشهيد الثاني في الروض ـ ونحوه غيره ـ بان وجوب الأغسال الثلاثة في هذه الحالة انما هو مع استمرار الدم سائلا إلى وقت العشاءين فلو طرأت القلة بعد الصبح فغسل واحد أو بعد الظهرين فغسلان خاصة. وهو حسن فإنه الظاهر من الاخبار وان كان في فهمه من بعضها نوع غموض ، وأصرح الروايات في بيان أحكام الاستحاضة بأقسامها الثلاثة عبارة الفقه الرضوي (٣) والظاهر من التقسيم فيها إلى الأقسام الثلاثة من عدم ثقب الدم أو ثقبه ولم يسل أو ثقبه وسيلانه هو كون استمرار كل من هذه الحالات في الأوقات الثلاثة كما لا يخفى ، وعليها يحمل غيرها.
(الثاني) ـ انه قد صرح غير واحد منهم بان اعتبار الجمع بين الصلاتين انما هو لأجل الاكتفاء بغسل واحد وإلا فلو فرقت وأفردت كل صلاة بغسل جاز بل استحب كما نقله في المدارك عن المنتهى ، قيل : وفي بعض الروايات الموثقة أنها تغتسل عند وقت كل صلاة ، وهو مؤيد لذلك بان يحمل على عدم الجمع ، ويمكن حمله على الأوقات الثلاثة ، والأول أقرب ، وفي رواية يونس الطويلة (٤) «ان فاطمة بنت ابى حبيش كانت تغتسل في كل صلاة». انتهى. أقول : لا يخفى ان الأمر بالاغتسال وقت كل صلاة لا يستلزم
__________________
(١) ص ١١٩.
(٢) ص ١٢٠.
(٣) ص ٢٨٣.
(٤) ص ١٨٢.