تكملة
تقييد وجوب الغسل بوجوب الغاية هو المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) وقيل بوجوبه في نفسه ، اختاره القطب الراوندي ، وذهب إليه العلامة ونقله عن والده سديد الدين يوسف بن المطهر ، ومال اليه من متأخري المتأخرين الفاضل الخراساني في الذخيرة وقبله السيد السند في المدارك ، والبحث في المسألة وان كان قليل الجدوى عندنا لانحصار فائدة الخلاف في وجوب نية الوجوب قبل الوقت وعدمه ، مع انك قد عرفت مما قدمنا في مبحث نية الوضوء عدم الدليل على ذلك ، إلا أنا جريا على منوالهم (قدس الله أرواحهم وطيب مراحهم) قد قدمنا لك في البحث عن غاية الوضوء ما يفي بتحقيق الحال وازالة الإشكال ، من ذكر ما يدل على الوجوب الغيري والجواب عما يدل على الوجوب النفسي ، الا انه بقي مما يدل على الوجوب الغيري في خصوص هذه المسألة مما لم نتعرض له آنفا الآية الكريمة أعني قوله سبحانه : «... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ...» (١) وقد تقدم في أول هذا المقصد بيان دلالتها على ذلك. واما ما أجاب به الفاضل الخراساني في الذخيرة عن ذلك ـ من ان غاية ما يلزم منه وجوبه لأجل الصلاة وذلك لا ينافي وجوبه لنفسه ايضا ، فيجوز ان يجتمع فيه الوجوبان ، ولا يفهم منه التخصيص ولا يراد البتة ، لوجوبه لغير الصلاة كالطواف ومس كتابة القرآن وغيرها بالاتفاق ـ فمدخول بما قدمنا تحقيقه في مبحث غاية الوضوء.
واستدل جملة من متأخري المتأخرين على ذلك أيضا بأخبار الجنب إذا فاجأها الحيض قبل الغسل :
و (منها) ـ حسنة عبد الله بن يحيى الكاهلي عن الصادق (عليهالسلام) (٢)
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٩.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٢٢ من أبواب الحيض.