ومن تبعه على الثاني ، وأنت خبير بان ظاهر الخبرين المذكورين لا يأبى الانطباق على كلام الشيخ (رحمهالله) فان قوله في الخبر الأول ـ : «ان كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه» وتقييده الاجزاء في الثاني بالسيلان على جسده ـ لا يأبى ان يكون الاغتسال به ارتماسا مع كثرته وحصول الدفعة العرفية سيما على ما فسرنا به الدفعة آنفا ، وترتيبا ان لم يكن كذلك ، فيجوز للمغتسل قصد الارتماس به على الأول والترتيب على الثاني ، ولعل في ذكر الشيخ الغزارة في عبارة المبسوط إشارة الى ذلك. والى ما ذكرنا يشير كلام شيخنا البهائي وشيخنا المحقق في كتاب الحبل المتين ورياض المسائل. وما يوهمه كلام ذلك الفاضل ـ من عموم أدلة الترتيب الا ما خرج بالدليل ـ فيه ان الأدلة المشار إليها لا عموم فيها بل بالخصوص انسب ، لدلالة أكثرها على ان الغسل بالاغتراف من الأواني القليلة المياه ، وما يوهمه إطلاق بعضها في ذلك يمكن حمله على المقيد منها ، فلا دلالة حينئذ على حكم الاغتسال بغير ذلك الفرد. و (ثانيهما) ـ انه هل يلحق بالمطر على تقدير جواز الارتماس به ما ذكر من تلك الأشياء أم لا؟ إشكال ينشأ من فقد النص عليه بخصوصه ، لاختصاص الخبرين المذكورين بالمطر مع ما عرفت من المناقشة في الدلالة أيضا ، ومن العلة المشار إليها بالتعليق على الشرط في قوله في صحيحة علي : «ان كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه» وإطلاق قوله في صحيحة زرارة (١) : «الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه». وما يقرب منه ويؤدي مؤداه ، فإنه علق الاجزاء على جريان الماء على الجسد مطلقا ، فإذا جرى دفعة بأي وجه وجب الحكم بالاجزاء وعدم الافتقار الى الترتيب. ولعله الأقرب.
(الثانية) ـ هل يجب في الغسل ارتماسا في الماء الكثير الخروج من الماء بالكلية ثم إلقاء نفسه فيه دفعة ، أم يجوز وان كان بعضه في الماء بحيث ينوي ويدفع نفسه الى موضع آخر تحت الماء على وجه تختلف عليه سطوح الماء؟ ظاهر كلام جملة من متأخري
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٣١ من أبواب الجنابة.