منه خلق فيجنب فيكون غسله له. الحديث».
وما رواه أيضا في كتاب العلل بسنده عن عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهماالسلام) (١) انه «سئل ما بال الميت يغسل؟ قال النطفة التي خلق منها يرمى بها».
وما رواه فيه ايضا بسنده الى عبد الرحمن بن حماد (٢) قال : «سألت أبا إبراهيم (عليهالسلام) عن الميت لم يغسل غسل الجنابة؟ قال : ان الله تبارك وتعالى ، وساق الحديث الى ان قال : فإذا مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة».
وأنت خبير بان مقتضى هذه الاخبار المستفيضة ـ من حيث التعليل بكون الميت جنبا في بعض وبخروج النطفة في بعض ـ ان غسل الميت في الحقيقة غسل جنابة ، ولا ينافيه التشبيه الواقع في صحيحة محمد بن مسلم لإشعاره بالمغايرة ، إذ الظاهر ان المراد منه الإيماء الى ما ذكر من العلة والا لم يكن لتخصيص التشبيه به نكتة ، ولكن حيث كان اندراج غسل الميت في غسل الجنابة خفيا لخفاء علته ، صح التشبيه للمغايرة بين طرفي التشبيه ، إذ المعنى ان غسل الميت كغسل الجنابة المتعارف يومئذ لكونهما فردين من افراد غسل الجنابة الواقعي ، والمغايرة بين افراد الماهية واضحة ، وحينئذ فالظاهر ان خروج بعض الاخبار ـ الواردة في بيان الكيفية بالواو في عطف الأيسر على الأيمن ، أو مشتملة على ذكر الجسد بعد الرأس من غير تعرض للجانبين ـ اعتماد على معلومية الحكم في زمانهم (صلوات الله عليهم) كما تقدم مثله في الترتيب بين الرأس والجسد ، فليحمل مطلقها على مقيدها في الموضعين. والى القول بالترتيب كما هو المشهور يميل كلام المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (قدسسره) في كتاب الوسائل.
و (ثانيهما) ـ الارتماس ، وهو عند الأصحاب (رضوان الله عليهم) عبارة عن الدخول تحت الماء دفعة واحدة عرفية ، قالوا : ولا ينافي الدفعة الاحتياج الى التخليل
__________________
(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٣ من أبواب غسل الميت. ولا يخفى ان حديث عبد الرحمن هو عين ما ذكره والده (قدسسرهما) عن الكاظم (ع).