يظهر حمل روايتي الخدري والسكوني على التقية ، وما تكلفه شيخنا الصدوق في الرواية الأولى فمع بعده لا ضرورة تلجئ اليه والحال كما عرفت واما موثقتا سماعة فهما وان لم يرو القول بمضمونهما عن العامة إلا انه لا مانع من حملهما على التقية من حيث موافقتهما لهم في الجملة ومخالفتهما للاخبار الصحاح الصراح في الجواز مطلقا ، على انه لا يشترط عندنا في الحمل على التقية وجود القول بذلك من العامة كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب ، وقد ردهما جملة من الأصحاب أيضا : منهم ـ العلامة في المنتهى وغيره بضعف السند مع معارضتهما بعموم الاذن المستفاد من الروايات الصحيحة ، وبذلك يظهر ان الأقوى هو القول بالجواز مطلقا.
بقي الكلام هنا في شيء آخر وهو ان المشهور بين أصحابنا (رضياللهعنهم) هو تحريم سور العزائم بأجمعها ، واعترضهم جملة من متأخري المتأخرين بأن الروايات انما دلت على تحريم آية السجدة خاصة دون السورة ، مثل صحيحتي محمد بن مسلم المتقدمتين الدالتين على ان الجنب والحائض يقرءان ما شاءا إلا السجدة ، يعني إلا الآية المشتملة على السجود ، ونحن قد أسلفنا القول في ذلك ، ولكن الظاهر هنا من عبارة كتاب الفقه الرضوي وعبارة المعتبر المنسوبة إلى رواية جامع البزنطي هو تحريم السورة ، وعبارة كتاب الفقه وان أمكن ارتكاب التأويل فيها إلا ان عبارة الجامع لا تقبل التأويل لأنه استثنى فيها نفس السورة ، ولعل هذين الخبرين هما مستند من قال بتحريم السورة كملا ،
__________________
وما فوقها ، وذهب أبو حنيفة إلى انه يجوز له قراءة دون الآية إذا لم يكن قرآنا» وفي بداية المجتهد ج ١ ص ٤٤ «ذهب الجمهور الى منع الجنب من قراءة القرآن وقال قوم بإباحته وقال قوم الحائض بمنزلة الجنب وفرق قوم بينهما فأجازوا للحائض قراءة القرآن القليلة استحسانا لطول مقامها حائضا وهو مذهب مالك» وفي المغني ج ١ ص ١٤٣ «رويت كراهية قراءة القرآن للجنب والحائض والنفساء عن علي وعمر والحسن والنخعي والزهري وقتادة والشافعي الى ان قال : وحكى عن مالك جواز قراءة القرآن للحائض دون الجنب».