مسببه غسلا كان أو وضوء ، والخلاف المتقدم في اعتبار الكثرة بأوقات الصلاة أو مطلقا جار هنا أيضا.
(الثانية) ـ قال في المبسوط : «إذا توضأت المستحاضة وقامت إلى الصلاة فانقطع الدم قبل الدخول وجب عليها الوضوء ثانيا ، لان دم الاستحاضة حدث فإذا انقطع وجب منه الوضوء ، فإذا انقطع بعد تكبيرة الإحرام ودخولها في الصلاة مضت في صلاتها ولم يجب عليها استئناف الصلاة لأنه لا دليل عليه» واعترضه ابن إدريس بأنه ان كان انقطاع دمها حدثا وجب عليها قطع الصلاة واستئناف الوضوء ، قال : «وانما هذا كلام الشافعي أورده الشيخ لأن الشافعي يستصحب الحال ، وعندنا ان استصحاب الحال غير صحيح ، وما استصحب فيه الحال فبدليل وهو الإجماع على المتيمم إذا دخل في الصلاة ووجد الماء فانا لا نوجب عليه الاستئناف بالإجماع لا بالاستصحاب» انتهى. ومال في المختلف الى مذهب الشيخ قال : «والحق ما قاله الشيخ ، اما وجوب الاستئناف قبل الدخول فلان طهارتها غير رافعة للحدث على ما قلناه وانما تفيد استباحة الدخول مع وجود الحدث ، فإذا انقطع الدم وجب عليها نية رفع الحدث لأن الطهارة الأولى كانت ناقصة فلذا أوجبنا عليها اعادة الوضوء. واما عدمه مع الدخول فلأنها دخلت في صلاة مشروعة فيجب عليها إكمالها ، لقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم (١)» انتهى.
أقول : لا يخفى ان ما علل به الشيخ وجوب الوضوء ثانيا في الصورة الأولى غير ما علل به العلامة ذلك ، وكلام ابن إدريس متجه بناء على تعليل الشيخ فان مرجع كلام الشيخ الى ان انقطاع الدم موجب للوضوء ، وحينئذ فيرد عليه ان الفرق بين الدخول في الصلاة وعدمه غير جيد إذ الوجه المقتضى لوجوب الاستئناف في الصورة الأولى موجود في الصورة الثانية ، والحدث كما يمنع من ابتداء الدخول في الصلاة يمنع من استدامتها ، والتمسك بالاستصحاب ضعيف كما تقدم بيانه في مقدمات الكتاب ، واما على تقدير كلام العلامة فإن مرجعه
__________________
(١) سورة محمد الآية ٣٤.