ثم تغسل إن أردت ذلك».
إلا ان الأصحاب صرحوا باستحبابها هنا ، ولم يفسروها بشيء من المعنيين المتقدمين ، ولم يوردوا على ذلك ايضا دليلا في المقام ، وربما استدل على ذلك بمواظبة السلف والخلف من العلماء والفقهاء على مرور الأعصار بل الأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم) الا انه لا يخلو من شوب الإشكال ، إذ ربما يقال ان ذلك لما كان من الأفعال العادية التي هي أسهل وأقل كلفة في غالب الأحوال حصل المواظبة عليها لذلك. نعم ربما يمكن ان يستدل على ذلك بعموم آيات المسارعة إلى المغفرة والاستباق الى الخير (١) والتحفظ من طريان المفسد. والمتابعة لفتوى جمع من الأصحاب بالاستحباب. ولا يخفى ما فيه ايضا.
وهل تجب متى خاف فجأة الحدث الأصغر كما في السلس والمبطلون؟ احتمال مبني على وجوب الإعادة بتخلل الحدث الأصغر كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى. اما إذا خاف فجأة الحدث الأكبر فهل تجب محافظة على سلامة العمل من الابطال ، أم لا لعدم استناد الابطال اليه مع وجوب الاستئناف؟ احتمالان أظهرهما الثاني لما ذكر ، اما لو كان الحدث الأكبر مستمرا فالأقرب الأحوط اشتراطها في صحة الغسل ، لعدم العفو عما سوى القدر الضروري كما تقدم مثله في الوضوء.
(الرابعة) ـ قد عرفت ان الأظهر الأشهر وجوب الترتيب في الغسل الترتيبي بين الأعضاء الثلاثة ، وحينئذ فلو أغفل المغتسل ترتيبا لمعة من بدنه فقد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه ان كان في الجانب الأيسر غسلها وان كان في الأيمن فكذلك مع اعادة غسل الأيسر تحصيلا للترتيب.
والذي وقفت عليه من الاخبار مما يتعلق بذلك صحيحة أبي بصير عن ابي عبد الله
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ١٣٣ وسورة البقرة. الآية ١٤٨ وسورة المائدة. الآية ٤٨.