ولو لا اتفاق العامة على الوضوء في غسل الميت كما نقله في المنتهى (١) لكان العمل باخبار الوجوب في غاية القوة ، وظاهر إضراب الإمام (عليهالسلام) عن الجواب في صحيحة يعقوب المذكورة مشعر بالتقية. واما القول بالاستحباب كما هو المشهور بين المتأخرين فلا وجه له لان تلك الاخبار ظاهرة في الوجوب لا معارض لها إلا إطلاق غيرها من الاخبار المتقدمة وقضية القاعدة المشهورة حمل مطلقها على مقيدها. (فان قيل) الحمل على التقية انما يكون عند وجود المعارض لها (قلنا) قد تكاثرت الاخبار بعرض الخبر على مذهب العامة والأخذ بخلافه وان كان لا معارض له ثمة حتى ورد انه إذا احتاج الى معرفة حكم من الأحكام وليس في البلد من يستفتيه من علماء الإمامية يسأل فقهاء العامة ويأخذ بخلافهم (٢) وقد ورد أيضا «إذا رأيت الناس مقبلين على شيء فدعه» ويؤيد ذلك ما تقدم عن الشيخ من ان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك وما يشعر به صحيح يعقوب بن يقطين. وبالجملة فالظاهر اما القول بالوجوب كما هو ظاهر الأخبار المذكورة أو طرحها وحملها على التقية كما ذكرنا والقول بالتحريم. ولعله الأقرب.
(الثالثة) ـ اختلف الأصحاب في انه هل الأفضل تغسيل الميت عريانا مستور العورة أو في قميص يدخل الغاسل يده تحته؟ قال في المختلف : «المشهور انه ينبغي ان ينزع القميص عن الميت ثم يترك على عورته ما يسترها واجبا ثم يغسله الغاسل. وقال ابن
__________________
(١) في المغني ج ٢ ص ٤٥٧ «إذا أنجاه وأزال عنه النجاسة بدأ بعد ذلك فوضأه وضوء الصلاة.» وفي عمدة القارئ شرح البخاري ج ٤ ص ٤١ «وضوء الميت سنة كما في الاغتسال حال الحياة غير انه لا يمضمض ولا يستنشق عندنا» وفي الأم للشافعي ج ١ ص ٢٣٤ في مقام بيان صفة الغسل «ثم يوضئه وضوء الصلاة» وفي بداية المجتهد لابن رشد ج ١ ص ٢١١ «قال أبو حنيفة لا يوضأ الميت وقال الشافعي يوضأ وقال مالك ان وضئ فحسن».
(٢) كما في حديث على بن أسباط عن الرضا (عليهالسلام) المروي في الباب ٩ من صفات القاضي وما يجوز ان يقضى به.