وقبول صحيحتي محمد بن مسلم للتأويل بما دلا عليه غير بعيد بان المراد من السجدة سورة السجدة لا آية السجدة. وبالجملة فالاحتياط يقتضي القول بتحريم نفس السورة لما عرفت ، وبه يظهر قوة القول المشهور. والله العالم.
(الرابع) ـ مس المصحف والمراد ما عدا كتابة القرآن من الورق والجلد ، وهو مذهب الشيخين وأتباعهما. ونقل عن المرتضى (رضياللهعنه) القول بالمنع لرواية إبراهيم ابن عبد الحميد الآتية ، وقال الصدوق في الفقيه : «ومن كان جنبا أو على غير وضوء فلا يمس القرآن وجاز له ان يمس الورق» وهو مؤذن بعدم الكراهة.
والذي وقفت عليه في هذه المسألة من الاخبار رواية إبراهيم بن عبد الحميد المشار إليها عن ابي الحسن (عليهالسلام) (١) قال : «المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خطه ولا تعلقه ، ان الله تعالى يقول (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)» (٢). وقال (عليهالسلام) في كتاب الفقه (٣) : «ولا تمس القرآن إذا كنت جنبا أو على غير وضوء ومس الأوراق». وعبارة الصدوق مأخوذة من هذه العبارة على القاعدة التي عرفت وستعرف ان شاء الله تعالى ، وبالرواية الأولى تعلق المرتضى (رضياللهعنه) قال في المدارك بعد الاستدلال بها على ما ذهب اليه الشيخان وأتباعهما من الكراهة : «وانما حمل النهي على الكراهة لضعف سند الرواية باشتماله على عدة من المجاهيل والضعفاء فلا تبلغ حجة في إثبات التحريم» أقول : الأظهر في الجواب عنها انما هو عدم صراحتها بل ولا ظهورها في المدعى ، بل الظاهر من قوله (عليهالسلام) : «المصحف لا تمسه» انما هو نفس القرآن الذي تقدم القول في تحريم مسه ، ويؤيده قوله (عليهالسلام) : «ولا تمس خطه» بان يكون عطفا تفسيريا لما قبله وان وجد في بعض النسخ «خيطه» والظاهر انه تصحيف ، وعلى تقدير صحته فيبقى الكلام فيه وفي النهي عن التعليق ،
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ١٢ من أبواب الوضوء.
(٢) سورة الواقعة الآية ٧٨.
(٣) ص ٤.