يقلمن أظافيره ولا يقص شاربه ولا شيئا من شعره فان سقط منه شيء من جلده فاجعله معه في أكفانه ، ولا تسخن له ماء إلا ان يكون ماء باردا جدا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك ، ولا يكون الماء حارا شديدا وليكن فاترا» انتهى كلامه (عليهالسلام).
أقول : فهذه جملة وافرة من الأخبار الجارية في هذا المضمار وبيان ما اشتملت عليه من الأحكام يقع في مسائل :
(الأولى) ـ ما اشتملت عليه هذه الاخبار ـ من التغسيل بالمياه الثلاثة على الترتيب المذكور فيها بماء السدر ثم بماء الكافور ثم بالماء القراح ـ مذهب الأصحاب (رضوان الله عليهم) لا اعلم فيه مخالفا إلا ما نقل عن سلار من الاكتفاء بغسل واحد وعن ظاهر ابن حمزة من عدم وجوب الترتيب بينها ، وهما ضعيفان مردودان بما عرفت من الأخبار. ونقل عن سلار الاحتجاج على ما نقل عنه بالأصل وبقوله (عليهالسلام) في رواية علي عن أبي إبراهيم (١) قال : «سألته عن الميت يموت وهو جنب؟ قال غسل واحد». وهاتان الحجتان بمكان من الضعف لأن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل وقد تقدم ، والغسل الواحد في الرواية المذكورة انما أريد به الاكتفاء بغسل الميت عن غسل الجنابة كما دل على ذلك جملة من الأخبار فمعنى كونه واحدا يعني لا يتعدد بتعدد السبب فهو من جملة أخبار تداخل الأغسال المستفيض في الأخبار وغسل الميت عندنا واحد وان اشتمل على ثلاث غسلات. ونقل على الترتيب في المعتبر اتفاق فقهاء أهل البيت (عليهمالسلام).
(الثانية) ـ ما دل عليه خبر عبد الله بن عبيد (٢) من الأمر بوضوء الميت امام غسله مما يدل بظاهره على مذهب ابي الصلاح من القول بوجوبه ، والمفيد ذكر الوضوء في صفة غسل الميت إلا انه لم يصرح بوجوبه ، ونحوه ابن البراج ، وقال الشيخ في النهاية : «وقد رويت أحاديث انه ينبغي ان يوضأ الميت قبل غسله فمن عمل بها كان أحوط»
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٣١ من أبواب غسل الميت.
(٢) ص ٤٤١.