مات بعد ذلك غسل كما يغسل الميت وكفن كما يكفن الميت ولا يترك عليه شيء من ثيابه ، وان كان قتل في معصية الله تعالى غسل كما يغسل الميت وضم رأسه الى عنقه ويغسل مع البدن كما وصفناه في باب الغسل فإذا فرغ من غسله جعل على عنقه قطنا وضم إليه الرأس وشده مع العنق شدا شديدا». انتهى.
أقول : والكلام في هذه الأخبار العلية المنار يقع في مواضع (الأول) ـ المفهوم من جملة من اخبار المسألة ان من قتل في معركة الجهاد السائغ ولو مع غيبة الإمام (عليهالسلام) كما إذا دهم المسلمين عدو يخاف منه على بيضة الإسلام فهو شهيد يجب ان يعمل به ما تضمنته هذه الاخبار ، ونقل عن الشيخين (نور الله مرقديهما) تقييد ذلك بما إذا كان مع الإمام أو نائبه وتبعهما على ذلك أكثر الأصحاب. وأنت خبير بأن جملة هذه الأخبار خالية من هذا التقييد وانما المذكور فيها قتله في سبيل الله كما في صحيحتي ابان أو بين الصفين كما في رواية أبي خالد أو في المعركة كما في الفقه الرضوي ، وبما ذكرناه صرح المحقق في المعتبر حيث قال بعد اختياره ما اخترناه ونقل قول الشيخين وإيراد بعض أخبار المسألة ـ ما لفظه : «فاشتراط ما ذكره الشيخان زيادة لم تعلم من النص» وهو حسن وبنحو ذلك صرح الشهيدان ايضا ، ولا خلاف في انه لا يشمل غير هؤلاء ممن أطلقت الشهادة عليه.
(الثاني) ـ انه قد ذكر جملة من الأصحاب بأنه قد أطلقت الشهادة في الأخبار على المقتول دون اهله وماله وعلى المبطون والغريق وغيرهم والمراد به هنا ما هو أخص من ذلك. أقول : الظاهر ان هذا التنبيه هنا مما لا حاجة إليه لأن مورد هذه الأخبار القتيل في سبيل الله والقتيل بين الصفين وفي المعركة ونحو ذلك مما يختص بالفردين المتقدمين اعني ما ذكره الشيخان ومن تبعهما من المقتول في معركة الإمام أو نائبه وما ذكره في المعتبر من المجاهدين لمن دهم بلاد الإسلام ، والتعبير بالشهيد وان وقع في بعض الأخبار إلا ان قرينة سياق باقي الخبر ظاهرة في كونه في الحرب كالأمر بنزع تلك الأشياء عنه إلا ان يصيبها