واجبة أو مستحبة فالظاهر انه لا خلاف بينهم في الوجوب (١) كما عليه جمهور أصحابنا (رضياللهعنهم) وحينئذ فمعنى خبري ابن ابي عمير ان كل غسل معه وضوء واجب إلا غسل الجنابة فإنه لا يجب الوضوء معه وانما يستحب.
ثم انه على القول بوجوب الوضوء مع الغسل كما هو المشهور فهل يجب تقديمه على الغسل أم يتخير وان كان التقديم أفضل؟ المشهور الثاني ، وعن الشيخ في بعض كتبه الأول ، وبه صرح أبو الصلاح وهو ظاهر كلام المفيد وابني بابويه على ما نقله في المختلف ويدل عليه مرسلة ابن ابي عمير المتقدمة ، وأجاب عنها في المختلف بالحمل على الاستحباب وربما أيد هذا القول ايضا بقولهم (عليهمالسلام) (٢) فيما قدمناه : «الوضوء بعد الغسل بدعة». وظاهر ابن إدريس دعوى الإجماع على عدم وجوب التقديم حيث قال : «وقد يوجد في بعض كتب أصحابنا في كيفية غسل الحائض مثل كيفية غسل الجنابة ويزيد بوجوب تقديم الوضوء على الغسل ، وهذا غير واضح من قائله بل الزيادة على غسل الجنابة ان لا تستبيح الحائض إذا طهرت بغسل حيضها وبمجرده الصلاة كما يستبيح الجنب سواء قدمت الوضوء أو أخرت ، وان أراد انه يجب تقديم الوضوء على الغسل فغير صحيح بلا خلاف» انتهى. وكلامه وان كان في غسل الحائض الا انه خرج مخرج التمثيل ، إذ لا فرق في هذا المعنى بين غسل الحائض والأغسال المندوبة التي أوجبوا فيها الوضوء. وكيف كان فالبحث في ذلك عندنا مفروغ عنه وان كان على تقدير القول المذكور فالأقرب وجوب
__________________
(١) في شرح الزرقانى المالكي على مختصر ابى الضياء في فقه مالك ج ١ ص ١٠٥ «ويجزئ الغسل من جنابة أو حيض أو نفاس عن الوضوء وان تبين عدم جنابته أو حيضها أو نفاسها وان كان خلاف الاولى» وفي حاشية ابن قاسم العبادي على شرح المنهاج ج ١ ص ١١٨ قال : «في شرح العباب ان الوضوء انما يكون سنة في الغسل الواجب وبه صرح أبو زرعة وغيره تبعا للمحاملى ، ولو قيل بندبه كغيره من سائر السنن التي ذكروها في الغسل المسنون لم يبعد».
(٢) المروي في الوسائل في الباب ٣٣ من أبواب الجنابة.