الغسل ، وبالجملة فالتحقيق ان سياق الآية الشريفة ظاهر في ان الجنب مأمور بالغسل وغيره مأمور بالوضوء ، وامتثال كل منهما ما أمر به يقتضي الاجزاء ، الا انه لما ورد عنهم (عليهمالسلام) تفسير القيام إلى الصلاة بالقيام من حدث النوم وتأكد ذلك بدعوى الإجماع وجب تخصيص المأمور بالوضوء بالمحدث حدثا أصغر أو النوم كما قدمنا. واما روايتا ابن ابى عمير وصحيحة علي بن يقطين فقد أجاب عنها جملة من متأخري المتأخرين بالحمل على الاستحباب جمعا بين الاخبار ، وأيدوا ذلك بما ذكره المحقق (رحمهالله) في مسألة وضوء الميت ، حيث قال بعد إيراد روايتي ابن ابى عمير : «لا يلزم من كون الوضوء في الغسل ان يكون واجبا بل من الجائز ان يكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه وغيره يجوز ، ولا يلزم من الجواز الوجوب» وتبعه في هذه المقالة جمع ممن تأخر عنه كالعلامة في المختلف والشهيد الثاني في الروض. وهو مما يقضى منه العجب فإنهم مع اعترافهم بذلك في مسألة وضوء الميت يستدلون بالخبرين المذكورين هنا على وجوب الوضوء في غير غسل الجنابة. والأظهر عندي حمل الأخبار المذكورة وكذا كلامه (عليهالسلام) في الفقه الرضوي على التقية التي هي في اختلاف الأحكام الشرعية أصل كل بلية ، وعليه تجتمع أخبار المسألة ، وذلك فإن العامة بالنسبة إلى الوضوء مع غسل الجنابة على قولين ، فالمشهور بينهم استحباب الوضوء معه بان يكون قبله كما نقله في المنتهى حيث قال : لا يستحب الوضوء عندنا خلافا للشيخ في التهذيب ، وأطبق الجمهور على استحبابه قبله (١). ونقل في صدر المسألة عن الشافعي في أحد قوليه وهو رواية عن احمد ومثل ذلك عن داود وابي ثور الوجوب لو جامعه حدث أصغر (٢) واما سائر الأغسال
__________________
(١) كما في المغني لابن قدامة ج ١ ص ٢١٧ وص ٢١٩ وجامع الترمذي على شرحه لابن العربي ج ١ ص ١٥٥ ونيل الأوطار للشوكانى ج ١ ص ٢١٣ وشرح المنهاج لابن حجر ج ١ ص ١١٨.
(٢) كما في فتح الباري لابن حجر ج ١ ص ٢٥٠ وعمدة القارئ للعيني ج ٢ ص ٣.