بها وأغمض عن هذا الطعن كما لا يخفى على من راجع كتبه وكتب غيره من أرباب هذا الاصطلاح ، ولو انهم يقفون على هذا الاصطلاح حق الوقوف ولا يخرجون عنه لما استطاعوا تصنيف هذه الكتب ولا تفريع هذه الفروع ، إذ الصحيح من الأخبار باصطلاحهم لا يفي لهم بعشر معشار الأحكام التي ذكروها كما لا يخفى على من تأمل بعين الإنصاف. واما ما ذكره من جواب الشيخ فقد تقدم ما فيه. واما ما ذكره أخيرا في الجواب عن الاخبار كلها ـ من ان مشروعية الوضوء هنا ليس لتكميل الأغسال وانما هو لرفع موجبه وهو الحدث الأصغر فإذا أراد الصلاة وجب عليه الوضوء لذلك ـ ففيه أن مكاتبة الهمداني التي هي إحدى الروايات التي نقلها قد تضمنت انه لا وضوء للصلاة في غسل الجمعة ولا غيره. واما ما أجاب به في المختلف من التقييد بما إذا لم يكن وقت صلاة فمع ظهور انه تعسف محض يرده قوله في موثقة عمار : «ليس عليه قبل الغسل ولا بعد قد أجزأه الغسل». وكذا الأخبار الدالة على انه بعد الغسل بدعة ، وبذلك اعترف في الذكرى ايضا.
وبالجملة فإن الروايات المذكورة ظاهرة الدلالة على القول المذكور غاية الظهور لا يعتريها فتور ولا قصور.
نعم يبقى الكلام في الجواب عن أدلة القول المشهور ، اما الآية فالجواب عنها ان إطلاقها مقيد بالأخبار المذكورة ، كما هو معلوم في جملة من الأحكام من تقييد إطلاقات الكتاب العزيز وتخصيص عموماته بالسنة المطهرة ، على انه قد ورد تفسير الآية في موثق ابن بكير (١) بالقيام من حدث النوم ، وادعى عليه العلامة في المنتهى وقبله الشيخ في التبيان الإجماع كما تقدم في بحث الوضوء ، وحينئذ فيجب تخصيص المأمور بالوضوء بالمحدث حدثا أصغر ان ضم إليها الإجماع المركب أو المحدث بالنوم ، ولا تدل على ان من كان محدثا حدثا أكبر بل غير النوم مأمور بالوضوء لا منفردا ولا مع ضميمة
__________________
(١) المروي في الوسائل في الباب ٣ من أبواب نواقض الوضوء.