(المقصد الثالث) ـ في الأحكام وفيه أيضا مسائل (الأولى) المشهور بين الأصحاب جواز وطء الحائض بعد انقطاع الدم قبل الغسل على كراهية ، ونقلوا عن الصدوق في الفقيه القول بالتحريم ، واعترضهم جملة من متأخري المتأخرين : منهم ـ بل ربما كان أولهم ـ صاحب المدارك وتبعه من تبعه بان كلامه في الفقيه غير ظاهر في التحريم لتصريحه بجواز مجامعتها لو كان الزوج شبقا. أقول وعبارة الفقيه هكذا : «ولا يجوز مجامعة المرأة في حيضها لان الله عزوجل نهى عن ذلك فقال : «... وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ ...» (١) يعني بذلك الغسل من الحيض ، فان كان الرجل شبقا وقد طهرت المرأة وأراد ان يجامعها قبل الغسل أمرها ان تغسل فرجها ثم يجامعها» انتهى. ومن نقل عنه القول بالتحريم استند الى صدر عبارته الدال على ان الله سبحانه نهى عن ذلك حتى تغتسل ، ولا ريب ان هذا الكلام صريح فيما ذكروه ونسبوه اليه من القول بالتحريم ، ومن نقل عنه القول بالجواز استند الى قوله : «فان كان الرجل شبقا. إلخ» وأنت خبير بان المفهوم من هذه العبارة انه يرى التحريم كما هو صريح صدر عبارته ولكنه يستثني هذا الفرد للأخبار الدالة عليه (٢) فكأنه يخصص عموم الآية بالأخبار المذكورة ولو لا ذلك لكان التدافع في كلامه أظهر ظاهر ، فان صدر كلامه ظاهر في التحريم حتى تغتسل عملا بظاهر الآية التي استند إليها وهي قراءة «يطهرن» بالتشديد ، إذ المراد بالطهارة الغسل البتة ، وبالجملة فالظاهر عندي هو صحة ما نسبوه اليه من القول بالتحريم وان استثنى منه هذا الفرد بخصوصه.
والواجب أولا تحقيق الكلام في معنى الآية ثم العطف على الأخبار الواردة في المسألة ، فنقول : قد استدل على القول المشهور بقراءة السبعة : «وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ» (٣) بالتخفيف اي يخرجن من الحيض ، يقال طهرت المرأة إذا انقطع حيضها ، فجعل سبحانه
__________________
(١ و ٣) سورة البقرة. الآية ٢٢١.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٢٧ من أبواب الحيض.