غاية التحريم انقطاع الدم فيثبت الحل بعده عملا بمفهوم الغاية ، لأن الحق انه حجة بل صرح الأصوليون بأنه أقوى من مفهوم الشرط ، قالوا : ولا ينافي ذلك قراءة التشديد (أما أولا) ـ فلان «تفعل» قد جاء في كلامهم بمعنى «فعل» كقولهم تبين وتبسم وتطعم بمعنى بان وبسم وطعم ، قيل ومن هذا الباب المتكبر في أسماء الله تعالى بمعنى الكبير ، وإذا ثبت إطلاق هذه البنية على هذا المعنى كان الحمل عليه اولى صونا للقراءتين عن التنافي. و (اما ثانيا) ـ فلا مكان حمل النهي في هذه القراءة على الكراهة توفيقا بين القراءتين وكون النهي عن المباشرة بعد انقطاع الدم لسبق العلم بتحريمها حالة الحيض من صدر الآية أعني قوله تعالى : «... فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ...» (١) هكذا قرره في المدارك. وفيه (أولا) ـ ان مدار الاستدلال على حجية مفهوم الغاية كما ذكره ، وهو وان سجل على حجيته بما ذكره الا انه غير ظاهر عندي لما قدمناه في مقدمات الكتاب من انه لم يقم دليل شرعي على حجية شيء من المفاهيم المذكورة سوى مفهوم الشرط كما تقدم ، والتعويل على مجرد ما يذكر في الأصول من الدعاوي التي يزعمونها أدلة غير ثابت عندي ، بل المدار عندي في الاستدلال انما هو على الكتاب والسنة وهما الثقلان اللذان أمر (صلىاللهعليهوآله) بالتمسك بهما بعده. و (ثانيا) ـ فان ما ادعاه ـ من ان «يطهرن» بالتخفيف اي يخرجن من الحيض ـ مبني على تفسير الطهارة بالمعنى اللغوي ، ولم لا يجوز الحمل على المعنى الشرعي؟ سيما مع القول بالحقائق الشرعية لا بد لنفيه من دليل. و (ثالثا) ـ ان ما ذكره من حمل صيغة «تَطَهَّرْنَ» بالتشديد على «طهرن» مجاز لا يصار اليه مع إمكان الحمل على الحقيقة ، وما ادعاه ـ من ان الحمل عليه اولى لصون القراءتين عن التنافي ـ مردود بأنه يمكن دفع التنافي بحمل الطهارة في قراءة التخفيف على المعنى الشرعي فتجتمع مع قراءة التشديد الصريحة في المعنى الشرعي. و (رابعا) ـ ان التعارض انما وقع بين مفهوم الغاية على تقدير قراءة التخفيف وبين
__________________
(١) سورة البقرة. الآية ٢٢١.