إنما عدلوا عنه الى هذا الاصطلاح المحدث لما بعدت المدة وخفيت القرائن كما تقدم ذكره منقحا في مقدمات الكتاب. و (اما ثانيا) ـ فلتصريحه في غير موضع في شرحه بان الإضمار في الاخبار غير مضر ، فكيف يطعن هنا في موثقة سماعة بذلك وهو قد قبلها ونحوها في غير موضع من الأحكام؟ و (اما ثالثا) ـ فلأن الحكم متفق عليه كما ذكره هو نفسه في صدر البحث. فقال : «وهذا اعنى رجوع المبتدأة مع فقد التمييز إلى عادة نسائها هو المعروف من مذهب الأصحاب» وهو قد وافق الأصحاب في أمثال ذلك مع ضعف دليلهم بزعمه في غير موضع من شرحه ، وقد أوضحنا جملة من ذلك في شرحنا على الكتاب.
نعم يبقى الإشكال في الجمع بين الخبرين المذكورين حيث ان ظاهر موثقة سماعة اشتراط اتفاق نسائها في الرجوع إليهن فلو اختلفن فلا رجوع ، وبه صرح العلامة في النهاية فقال : «حتى لو كن عشرا فاتفق فيهن تسع رجعت الى الأقران» وظاهر موثقة زرارة ومحمد بن مسلم الاكتفاء بالبعض الا انه لا قائل به من الأصحاب. ويمكن حملها على تعذر الرجوع الى جميع نسائها لتفرقهن في البلد فيكتفى بالرجوع الى البعض الا اني لم أعلم قائلا به ، وكيف كان فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال ، قال في المدارك : «ورجح الشهيد اعتبار الأغلب مع الاختلاف وهو ضعيف جدا ، لأنه ان استند في الحكم إلى مقطوعة سماعة وجب القطع بالانتقال عن نسائها لمجرد الاختلاف كما هو منطوق الرواية ، وان استند إلى رواية زرارة ومحمد بن مسلم وجب القول برجوعها الى بعض نسائها مطلقا ولا قائل به» انتهى.
ثم ان ظاهر موثقة زرارة ومحمد بن مسلم (١) الاستظهار بيوم بعد الاقتداء بأقرائها ، وبذلك صرح في الذكرى وأوجب على المبتدأة الاستظهار بيوم بعد الرجوع الى نسائها
__________________
(١) ص ١٩٨.