البول ففيه ـ مع عدم الدليل عليه في الاخبار ـ ان عدم القدرة على البول لا يخرج الخارج عن كونه منيا ليسقط وجوب الغسل ، فان مقتضى العلة المستنبطة من جملة من الاخبار بل المنصوصة في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة عن الباقر (عليهالسلام) حيث قال في آخرها : «لان البول لم يدع شيئا». ان مع عدم البول وان تعذر لا يقطع بزوال المني ونظافة المخرج منه.
واما الجمع بين الاخبار ـ بالحمل على الاستحباب كما صار إليه جملة من متأخري المتأخرين ـ
ففيه (أولا) ـ انه وان اشتهر بينهم البناء على هذه القاعدة في الجمع بين الاخبار بحمل ما يدل على الوجوب على الاستحباب وما يدل على التحريم على الكراهة الا انه لم يرد بها اثر من الآثار ، والقواعد المقررة عن أهل العصمة (صلوات الله عليهم) في اختلاف الأخبار خالية عنها.
و (ثانيا) ـ انه لا ريب ان الحمل على ذلك مجاز لا يصار اليه الا مع القرينة ، ووجود المعارض ليس قرينة ، لجواز خروجه مخرج التقية (١) أو احتماله لمعنى آخر.
وبالجملة فالتحقيق ان الاخبار المذكورة صريحة المنافاة في الحكم المذكور ، وطريق الجمع بينها وبين ما تقدمها بعيد ، فالواجب النظر في الطرق المرجحة للحمل على أحد الطرفين ورمى الطرف الآخر من البين ، ولا ريب انها مع اخبار الإعادة لصحتها سندا وكثرتها وصراحتها دلالة وتعددها منطوقا ومفهوما ، واعتضادها بعمل الطائفة قديما وحديثا ، وموافقتها للاحتياط في الدين ، وضعف ما يعارضها ، فاما رواية جميل فيما
__________________
(١) في المغني ج ١ ص ٣٠١ «إذا احتلم أو جامع فأمنى ثم اغتسل ثم خرج منه منى فالمشهور عن احمد لا غسل عليه بال أو لم يبل ، وفي رواية ثانية عنه ان خرج بعد البول فلا غسل عليه وان خرج قبله اغتسل وبه قال أبو حنيفة ، وفي رواية ثالثة عليه الغسل بكل حال وهو مذهب الشافعي».