بعده : «والظاهر ان التكليف متعلق بمقدمات الفعل كالنظر والسعي والتعلم ، وإلا لزم تكليف الغافل أو التكليف بما لا يطاق ، والعقاب يترتب على ترك النظر ، الى ان قال : ولا يخفى انه يلزم على هذا ان لا يكون الكفار مخاطبين بالأحكام وانما يكونون مخاطبين بمقدمات الأحكام ، وهذا خلاف ما قرره الأصحاب ، وتحقيق هذا المقام من المشكلات» انتهى.
أقول : لا اشكال ـ بحمد الله ـ فيما ذكره بعد ورود الأخبار بمعذورية الجاهل حسبما مر بك مشروحا في المقدمة الخامسة ، وورودها بخصوص الكافر كما نقلنا هنا ، ولكنهم (قدسسرهم) يدورون مدار الشهرة في جميع الأحكام وان خلت عن الدليل في المقام ، سيما مع عدم الوقوف على ما يضادها من اخبار أهل الذكر (عليهمالسلام).
(الرابع) ـ الأخبار الدالة على وجوب طلب العلم كقولهم (عليهمالسلام): «طلب العلم فريضة على كل مسلم» (١). فان موردها المسلم دون مجرد البالغ العاقل.
(الخامس) ـ انه كما لم يعلم منه (صلىاللهعليهوآله) انه أمر أحدا ممن دخل في الإسلام بقضاء صلواته كذلك لم يعلم منه انه أمر أحدا منهم بالغسل من الجنابة بعد الإسلام مع انه قلما ينفك أحد منهم من الجنابة في تلك الأزمنة المتطاولة ، ولو أمر بذلك لنقل وصار معلوما كغيره ، واما ما رواه في المنتهى عن قيس بن عاصم وأسيد ابن حصين ـ مما يدل على أمر النبي (صلىاللهعليهوآله) بالغسل لمن أراد الدخول في الإسلام فخبر عامي (٢) لا ينهض حجة.
(السادس) ـ اختصاص الخطاب القرآني ب (الَّذِينَ آمَنُوا) ، وورود«يا أَيُّهَا
__________________
(١) المروي في الوسائل في الباب ٤ من أبواب صفات القاضي.
(٢) في سنن البيهقي ج ١ ص ١٧١ عن قيس بن عاصم انه «اتى النبي (ص) فأسلم فأمره أن يغتسل بماء وسدر» ورواه أبو داود في سننه ج ١ ص ٩٨ والبغوي في مصابيح السنة ج ١ ص ٣٧ وفي تيسير الوصول ج ٣ ص ١٠١ «أخرجه أصحاب السنن».