اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة» دال على ان الغسل الأول لم يكن مجزئا عن غسل الجنابة ، فيتعين ان يكون المراد بالغسل المذكور مجرد رفع الأوساخ البدنية وازالة الأدناس الحسية ، ومن ثم احتمل بعض انه يستنبط من الخبر المشار إليه صحة الغسل لذلك على الإطلاق أو عند تعذر قصد رفع الحدث ، وأيده بشرعية غسل الاستحاضة ، وكون الأغسال الواجبة والمستحبة إذا علم من الشارع ان أصل مشروعيتها لذلك كغسل الجمعة والإحرام لا تتوقف على الطهارة من الحدث وان كانت بحيث لو خلت منه لأفادت رفعه ، كما قدمنا بيانه في بحث نية الوضوء وينبه على ذلك ما ورد من أمر الحائض بغسل الإحرام. واما ما ورد في موثقة سماعة عن ابي عبد الله وابي الحسن (عليهماالسلام) (١) : «في الرجل يجامع المرأة فتحيض قبل ان تغتسل من الجنابة؟ قال : غسل الجنابة عليها واجب». فغاية ما يدل عليه ان غسل الجنابة لا يسقط عنها بعروض الحيض بل يجب عليها الغسل إذا طهرت من الحيض وأرادت عبادة وان اتحد الغسلان كما دلت عليه الأخبار المتقدمة. واما حملها على استحباب غسل الجنابة في تلك الحال ـ كما ذكره الشيخ في كتابي الأخبار مستندا إلى موثقة عمار الآنفة ، فيستفاد منها حينئذ استحباب الغسل في نفسه وان كان واجبا لغيره كما ذكره بعضهم ـ فتكلف لا ضرورة تلجئ اليه بعد ما ذكرنا ، وكيف يتم الحمل على الاستحباب وقد صرح في الرواية بالوجوب ، وأي ثمرة لهذا الاستحباب مع وجوب إعادته كما عرفت من موثقة عمار. وبالجملة ان ما ذكرناه هو المتبادر من حاق اللفظ والمراد مع سلامته من الطعن والإيراد. نعم يبقى الكلام هنا في ان جملة من القائلين بالوجوب الغيري صرحوا باستحباب الغسل قبل اشتغال الذمة بالغاية الواجبة ، حتى أورد عليهم الغسل لأجل الصوم ، فأجاب بعضهم بأن الغاية انما هي توطين النفس على ادراك الفجر متطهرا كما عرفته آنفا من كلام شيخنا البهائي (عظم الله مرقده) وأجاب آخر بالتخصيص بما عدا الصوم
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.